|
|||||||
اللحظة الشعرية
هذا العدد يقتصر على ملف حول الشاعر ياسين طه حافظ، لأني أردته أن يكون العدد الأخير من مشروع اللحظة الشعرية برمته، ولم أطمع أن أُشرك في الملف الخاص أحداً. ولهذا القرار سبب واحدٌ وجدته أكثرَ من كاف للتوقف: هو عدم قدرتي على التواصل مع النشاط الشعري والنقدي الحاصل في العراق بوجه خاص، وفي العالم العربي بصورة عامة. الأصوات النادرة التي أثق بدرايتها في الحقلين، وضعت نفسها في منأى عن مجمل هذا النشاط، ولم تُسهم لا معي ولا مع غيري. وموقفها صائبٌ، أتحمّس له، ولا أعترض عليه. ما بقي من أصوات ولدَت ونشأت في بهو ثقافة المهرجان، والصحافة، وأجهزة الإعلام الثقافي الأخرى. وهي عالية الثقة بالنفس، بفعل هذه التربية. حتى أمست الرغبةُ بالإطلالة عليها عصيّةً، والحوارُ معها مستحيلاً، ومجردُ فهمها ضرباً من العبث. اقتصاري على الاحتفاء بالصوتين الشعريين: حسب الشيخ جعفر، وياسين طه حافظ، كان اقتصاراً فقيراً. علي أن أعترف بذلك. فمجمل الإسهامات لم تفِ بحق هذين الصوتين الشعريين المتعافيين، في مرحلة لا شأن لها بالعافية. كنت أطمع أن أُذكّر، عن طريق اللحظة الشعرية، هذا النشاط الشعري والنقدي بأن صبواته الفالتة من كلّ معيار ليست إلا أعراضاً زمنية عارضة. ألمّت به، كما ألمّت بالعالم أجمع من قبله. وهي اليوم تتعثر، وتموت. ومن التربة التي لوُّثتها، تُزهر من جديد تلك الجذور التي بدت منسية، وبائدة في أعين الأجيال المتأخرة. أجيال جديدة تخرج في حقل الموسيقى الجدية، الفن الجدي، والشعر الذي يبدأ من خبرة الكائن الإنساني العميقة. تلتفت إلى الوراء بشجاعة لتربط الخيط الذي انقطع، منتصرةً على النفس هذه المرّة. أشهد ذلك كلَّ يوم أتابعُ في الشعرَ، والنقد، والموسيقى، والفن البصري في العالم الغربي. والمشهد الثقافي العراقي، والعربي يزداد هلوسة. وكأنه مرايا تعكس بأمانة الهلوسةَ السياسية في أنظمة الحكم، والعقائدية في ردود أفعال الناس. تحية واعتذار.
|
|
||||||
|