|
|||||||
ثلاثة شعراء ياسين طه حافظ
نمشي كأنا ما عرفنا في الحياة مدينةً أخرى، كأنا الان آمنّا بان الأرض، موئلَنا، تدورْ وبأننا متعلقون بها كما الصبيان وهي تدورُ... آمنّا ونحن اليوم، شحاذين أو امراءَ، نمشي في الشوارع ليس تعرفنا وجوهُ العابرينَ وهذه الدنيا تحدّق، كالمفارقة العجوز، بنا وتختبر الظنونْ.
ياصاحبَيَّ توقَّفا، فأنا تعبتُ! تَهكَّما إن شئتما، قولا كما المتنخّل الهذليّ: "قد أودى إذ انبتَّتْ قواهُ فلم يركب اذا ساروا ولم ينزلْ ..." وقولا أيَّ شيءٍ، نازلٌٌ هذا مكاني في اليباب، هنا اختارتْ مكانَ الحمدِ راحلتي، المدينةُ ليس تعرف من يجيءُ لها وتعرف من يبيع ويشتري..
هل بعدُ إلا أن نظلّ ثلاثةً من غير ما لغةٍ ولا أُفٍّّ، نظل ثلاثةً وهناك ترغو الضجّة السوداءُ، يختلطُ الغبار، اللغوُ والارقامُ والخِرَقُ، الدخانْ. وتَسَاقَطُ الكلمات قد تعبَتْ سفاداً كل ساعات النهار تمطُّ أحرفَها وتستجدي الرضا، الصدقات، اين مكاننا منها؟ وأين الشعر والصمتُ الشجيّ وهِزّةٌ للرأسِ حانيةٌ كأن نأسى حياءً، أين منها الوردة البيضاء مُفْرَدةً تضوع شذىً ومفردةً نموتْ؟
هو عالم يرغو ولسنا من رعيل الباعة المترزّقين، الأرض تعرفنا وتجهلنا. المرارةُ تبتدي تسيارهَا في الروح. هذي ساعةٌ للشعر كي يأتي على مَهلٍ، يقول لنا: الدنيا تهون إذا نهونُ... وأنتَ هل أكملتَ حكمتَكَ الأخيرة َ؟ هل عرفتَ بما يدورْ؟ هذا الضجيج يدور والخطوات تُطْفَأ مثل اطيارٍ تموت على الرصيفْ ولقد وقفنا مثل منتظرين مركبَهم ولا يأتي وقفنا في حدود الكونِ كلاً صمته معَهُ ومأساة القرونْ ننأى كأنا ما عرفنا الأرض موئلنا، كأنا نرتجي دنيا سواها، هكذا حتى توقفنا: الحياة مخيفة والأوجهُ الدبقاتُ تلعق في الوجوه وفي الصحون هل نستطيع خلاصَ هذي الروح من صخَبٍٍ وطينً؟ هل نستطيعْ ؟
نحن الثلاثةَ واقفون كثلاث أشجار مقطعة الغصونْ!
|
|
||||||
|