سركون: قصائد مبكرة

 

نُشرت في مجلة شعر، شتاء ـ ربيع 1964

 

 

إلى المسيح، سطور في الرمل

 

سآخذ منه يدبه وأعطيه صمت الحياة الطويلة

أقول له أيها الشبح الضائع

أقول له أيها الضائع

أجيء إليك بثوب المنافي، أجيء وأفتح كفي الهزيلة

وأعطيك صمت الحياة الطويلة

سآخذ منه يديه وأرفع ملحي إلى شفتيا

أقول له أيها الفاتح الطائف

أقول له أيها الطائف

لتطبع فوق الدروب عروق القدم

وتفتح للطفل بابا وتغسل نهد الصبية

سأعطيه قفل القرار وأحمل عنه الصليبا

أقول له خذ عصاي وجرب طوافي

أقول له في ارتجافي

يضيعني يا مسيحي يضيعني الزيف بين جذور السأم

فأكسر خبزي وأشرب خمري وأمضي غريبا

سأعطيه قفل القرار وأحمل عنه الصليبا

سأحمل عنه الصليبا


 

حيوان البراءة

 

علقتْ رجلي بعظمين من البحر، وقاره

من عصافير وأوراق كمذياع ضبابي

هز بابي

شبحا منكسرا ألقى على الليل شعاره

لا تراه

غير أحداق المحاره

علقت رجلي بوجه البحر، علّقتُ دماغي

وشراييني بقاعات الفراغ

تحت ريح ناسفة

ترفع الاسمنت في فكي وأنفي

وتربي العشب في جمجمتي

أقرأ فيها العاصفة

وتداريني وفي كفي جريدة

أنا حيوان الينابيع يغني القمر الفارغ صوتي

أنا طقس ضائع بين الطقوس الشائهه

حافري يحمل نعل الآلهة

وأدوس الشارة العصماء ألفا

في دروبي التائهة

أنا حيوان يغني القمر الفارغ موتي

وتغني الصحف اليومية السوداء موتي

ويغني الموتَ صوتي


 

الإطار

 

لفظتي أيقونة السأم

ورأسي ريح حكمة

والعصافير غفت وارتفعت

حين التقت تفاحة تحت جدار الحصن

بالرمل وبالموج الخريفي

 

في صفير البحر تُلوى الأقنعة

وتموج السوق بالطحلب من بحر عقيم

حين تجري العربات

صدفات معدنية

 

الطحالب

لم تبقّي رقعة للنار في هذي الجباه

ومدانا لا نراه

لا نرى غير القوالب

وصفت فوق الجفون البارده


 

أشباهُنا

 

متأخرين عن المطر

قفص الربيع وراءنا

وأصابع الأطفال في الشجر العميق

متأخرين عن الطريق

نجتاز تحت الأرض أنفاق النجوم

نجتاز بين الأقنعة

أشباهَنا ، رئة تغمغم بالنبيذ ببؤس آدم

أشباهُنا نجتازهم أشباهنا تحت الزخارف

نجتازهم متأخرين عن الطريق

وإذا سمعت فما

إذا

نادت يد وإذا تدلت جمجمة

سأجرُّ من عينيّ قلبي

سوف أعميه لئلا أسمعه

أشباهنا نجتاز أشباهنا

نجتازهم ونمر تحت الأقنعة

رئة تغمغم بالنبيذ

ببؤس آدم


 

قالوا له أنت غريب

 

يدفع الزرقة في عزلته كالعجله

يرفس القيظ، ويجتاز الإطار

بضلوع مقفلة

شربت خمر الموائد

مع أموات العصافير وأموات الحِكم

مع أشباح القناديل وأشباح القياثر

وأنثني دون قراءه

يفتح التأريخ كالكيس الأليف

ذائقا خبز المنارات وأسماك الحرائق

ماسحا أنف المهرج

مازجا في نعل شاعر

ظل ناثر

فاهما أقداره والمطرا

صافيا كالشجره

قادرا مُرا كرايات البراءه

عالقا بين عمارات الحرائق

قشّر البرعم في قبو النهار

كاشفا في ظلمة اليوم شرايينا عنيفه

طيرت عنه طيوفه

فطوى الألفة واجتاز الغرابه

نحو أفواه المصابيح وأبواب القرابه

فاتحا قبر السأم


 

الموائد الباردة

 

الشمس في العتبات مائدةُ الثلوج

وأصفهان تموت في الطرق الطويله

العاهرات على الشوارع يرتدين الثلج

تحت معاطف الفرو الثقيله

داود مرتعش الشوارب، حوله القسُسُ الشيوخُ

وحوله الأكياس ذابلة الورود

داود يغرق في الجليد!

وأتوه بالعذراء دافئة النهود

جميلة الأعضاء في أطرافها صيفُ البكاره

لم يلتفت

رفعت يديها مثل غصنيِّ الربيع

وموّجتْ قوسَ الحراره

لم يلتفتْ

عيناه من خزَف التلال

كقطعتين من الحجاره

داود ظل يلفّعونه بالملابس في الأسرّه

في يومه الثاني تحطم عقربٌ في ساعة

واستلَّ طيفُ الموت خنجرَهُ المُعرّى!

في يومه الثاني أدونيا يسير إليه

"سوف أكون للملك الوريثَ"، أمامه خمسون كهّانا

وفرسان على العجلات ينتظرون في الثلج الحديدي

داود ظل على اللهيب يغوص في برد الجليد

وأمامه العذراء نافرة النهود

في يومه الثاني أدونيا يحطم برجه الخاوي

أدونيا لأبشالومَ كان أخا، أدونيا الفتوة

فرسانه يترصدون القصرَ، يدفعهم

لهيبٌ ضاحكٌ، نحّى الشهادة والنبوه

داود ما جبلت يداك يبعثرونه

يركلون هياكل الذهب المقدس والعباده

لا يعرفون الموت في نبل الشهاده

داود مرتعش الشوارب،

أصفهان تموت في الطرق الطويله

قاراتُنا في الثلج فارغة، ترى الموت الأكيدَ

وترتمي في ثلجه من دون حيله

هل من بتول حرة الأطراف دافئة نبيلة

تمتد في أجفانها شمس البراءة والطفولة

وتذيب أثقال الرذيلة؟

العاهرات على الشوارع، يرتدين الثلجَ

تحت معاطف الفرو الثقيلة

والشمس في العتبات مائدة الثلوج

تمر بالشرفات مطفأة قتيله

وتموت في الطرق الطويلة

 

 

 

 

غلاف المجلة

فاتحة اللحظة الشعرية

 

* 

غريْهَم هولدرنَس : قراءةٌ لقصيدة فيليب لاركن

عبد الكريم كاصد : تحولات البياتي

طالب عبد العزيز : أغلال الوجود الحر

عبد الخالق كيطان : خماسية الصباح

خزعل الماجدي :  آخر صفحات الشعر الرافديني

نصير فليح : 3 قصائد

 

*


ملف: سركون بولص

 

محمد غازي الأخرس : نهار سركون بولص

 علـي جعفـر العـلاق :  شـعـرية الطـوفــان  

حسن ناظم : مآل ُسركون بولص

فوزي كريم :  مشروع نص نقدي

سركون : قصائد مبكرة

باسم فرات : حوارات عابرة للزمان

يوسف الناصر: خطوط وألوان لاحتضان الشاعر

رحمن النجار: معبد سركون بولص

صالح زامل : قراءة في شعرية سركون بولص

 

*

 

حصاد المحرر: الشعر


أبجدية الرمل

عروس الثلج

 

حصاد المحرر: الموسيقى
 

عزلة الكورال

مقتطفات كافكا

 

حصاد المحرر: الفن

صادق طعمة : من العباسية إلى سومر

 

موقع الشاعر فوزي كريم      الصفحة الأولى         اعداد سابقة         بريد المجلة

  ©  All Rights Reserved 2007 - 2009