فوزي كريم 

Fawzi Karim

رسول السحب

(من الشعر الهندي القديم، قيد التأليف)

 

 

كاليداسا

 

رسول السحب

 

1

على ذُرى راما الظليلة، ملاذ النسّاك،

وبين الترع المقدسةِ باستحمامِ سيتا،

أقام الخاطئ ياكشا مقامَه السيء الطالع،

محكوماً بطاعة سيده الذليلة،

لأن يبقى طويلاً، نائياً عن عروسه.

 

2

بعد أشهرٍ مضين، وبفعل الألم

اتّسع المعضدُ الذهبي على رسغِ العاشق المتوحد

قبل أن يبصرَ بشيرَ المطر المقبل،

سحاباً عبّأ الذرى وهو يهوي

مثل فيلٍ يهاجمُ عابثاً ركاماً أرضياً.

 

3

وأمام مخاوفِ العاشق وآمالهِ

انحنى المتعبّدُ لكوبيرا طويلا وبأسى المتأمل،

كاتماً دمعتَه من أن تنحدر.

حتى القلوب السعيدة لا تقوى أمامَ السحاب تماسكاً،

وقد حُرّم عليه، هو البائس، عناق من يحب.

 

4

وعبر الأيام الممطرة، هو المتطلّعُ الى خلاص حبه،

المحرومُ من الفيضِ السعيد،

قطفَ بضعةَ أزهار ندية لضيفهِ الغائم،

احتفاءً بما يليق برفيق مقرّب،

وبكلماتٍ شجاعةٍ خاطبه مرحباً مادحا.

 

5

ما غابَ عن عقل ياكشا المحرومِ ممن يحب

مقدارَ المشقة في التحام رسالته

والسحابَ، خالصَ النار والماء، الدخانَ والريح ـ

وهل استطاعَ من أعمى الحبُّ بصيرتَه

أن يميّزَ بين الحي والميت من الأشياء.

 

6

أعرفُ مدارك الأميري الأشهر، قال

وحضوتَكَ في بلاط السماءِ الملكي،

وهيئتَك المتغيّرةَ أبداً. وإليكَ، أنا المستسلمُ،

أجيءُ متضرعاً باسم أسى أرملتي

مفضلاً رفضك الجليل على الراحة الوضيعة للنفس.

 

7

أيها السحابُ، وقد استثارت الروح الظامئةُ مشاعرَ عطفكَ.

عروسي نائيةٌ، بفعل الإرادة والغضبِ الملكيين.

فهل لك برسالتي الى مدينةِ ياكشا،

الى حدائقَ ألاكا الغنية، حيث هلال شيڤا المتألق

يغسلُ قصورها بأشعته.

 

8

حين ترقى طرقَ السماء الأثيرية،

سوف يختلسُ حبُ هذا الجوال النظرَ عبر تكوّراتك العالية

ويبارك لك المشهدَ، مانحَ العزاء.

من ترى يترك عروسته باكيةً عبر الأيام الغائمة

غيري، أنا الذي احتفظ بأصفاد عبوديته؟

 

9

وفيما تدفعُك النسمات قُدُماً برفق،

وفيما يغني على يمينكَ الزقزاقُ، رسولُ الغيث

أغنيتَه الفخورةَ الحلوة،

تلتقيك الكراكيُّ، وهي تعرفُ قدركَ، بالأجنحة البهيجة

وبغبطةٍ تلتحقُ ببعض.

 

10

والآن فالتسْرعْ، يا ابن أمي، حتى ترى ـ

وأنت تحصي أيامَ لوعةِ المهجور ـ

الزوجةَ الوفيةَ المتصبرّة من أجلي:

زهرةٌ ذاويةٌ هو قلب المرأة المُحب،

مرفوعاً ،أيامَ الفراقِ، بسويقِ الأمل وحده.

 

11

 

.........................

 

( عادةً ما يقرن كاليداسا،الشاعر والدرامي الهندي، حوالى 400 ميلادية، بشيكسبير. عاش في مرحلة Guptas ، وكان واحداً من "الدرر التسع" التي زينت بلاطه الامبراطوري. اشتهر بأعمال شعرية غنائية، ملحمية، ودرامية عدة، لعل هذه القصيدة الغنائية، التي سنواصل تقديمها في أعدادنا القادمة، أكثرهن شعبية بفعل الفتنة الحسية والروحية فيها، وبفعل تعرضها لألحان كثير من الموسيقيين. القصيدة في جزئين: "السحاب السابق" في 63 مقطع خماسي أو stanzas، و"السحاب التالي" في 52. القصيدة من فن المرثية، التي يرسل فيها المنفي ياكشا، وهو في عزلة الجبل، رسالة الى حبيبته عبر السحاب. تُرجمت الى الغرب أول مرة عام 1789 ، ولقد كان إعجاب گوتة بسحر إحدى أعمال كاليداسا الدرامية مشهوداً، بحيث كتب قصيدة إطراء بحقها. الشاعر شيلر تبنى تقنية "رسول السحاب" في عمله الدرامي "ماري ستيوارت". هذه الترجمة النثرية عن ترجمة A.w.Ryder الانكليزية 1912.)

 

 

 

 

 

 

 

 

باساڤانّا

 

أقوال

 

1

حدّق، ترَ العالمَ في خضمِ أمواجٍ،

يضربُ صفحةَ وجهي.

 

لمَ عليه أن يرتفعَ الى صفحةِ قلبي،

قلْ لي.

آه قلْ لي، لمَ عليه

أن يرتفعَ الآنَ الى حنجرتي؟

أيها الالهُ

كيف يتسنّى لي أن أخبركَ بأي شيءٍ

وهذا الخضمُّ يرتفعُ عالياً

غامراً الرأس

يا أيها الاله

ألا اصغِ الى صرختي

يا إله الأنهار المتعانقة

فالتصغِ.

 

 

 

 

 

2

أيُشغلُ الصخرةَ في الماء طولُ الزمان:

هل تراها تلين مع الأيام؟

 

أيُشغلُ غرقي في العبادةِ طولُ الزمان

والقلبُ قُلّب؟

 

عاطلاً كشبحٍ

وقفتُ على الكنز الخفيِّ حارساً

يا إله الأنهار المتعانقة.

 

3

في التواءةِ الأفعى

من الاستقامة ما يكفي بيتها الثقب.

 

في التواءةِ النهرِ

من الاستقامةِ ما يكفي البحر.

 

وفي التواءةِ رجالِ العبادةِ

من الاستقامةِ ما يكفي الاله.

 

4

قبل

    أن يصلَ الشيبُ الوجنات

    والدقنَ المحني والتجعيدةَ

    والجسد يُمسي قفصَ عظام:

 

قبل

    أنْ تمسي تحت رعايةِ أحدٍ

    بظهرٍ محنيّ

    وأسنانٍ تالفة:

 

قبل

    أن تُسقطَ يدك على ركبتكَ

    وتتشبثَ بعكاز:

 

قبل

    أن يُفسدَ هيئتك الكبرُ:

 

قبل

    أن يمسّك الموتُ

    تعبّد إلهنا

    إله الأنهار المتعانقة.

 

5

إجعل من جسدي عارضةَ عودٍ

    ومن رأسي يقطيناً مصوّتاً

    وأوتاراً من أعصابي

    ومن أصابعي عيدان النقر.

 

امسك بي قريباً

    واعزفْ أغانيكَ الاثنتين والثلاثين

    يا إله الأنهار المتعانقة.

 

6

القِدرُ إلهٌ. المروحةُ الهابّةُ إلهٌ.

وإلهٌ هذه الحجارةُ في الطريق.

المشط إلهٌ. قوسُ الأوتار إلهٌ أيضاً.

المكيالُ إلهٌ والطاسةُ الطافحةُ.

 

آلهةٌ، آلهةٌ، ما أكثر الآلهة

فما من محط قدمٍ.

 

وما من إلهٍ غيره.

إله الأنهار المتعانقة.

 

7

إنهم يغطسون

حيثُ وجدوا ماءً.

 

إنهم يطوّفون

حيث وجدوا شجرةً.

 

فأنّا عرفك يا إله

من تعبّدَ الماء الذي جفَّ

والشجرَ الذي ذوى؟

 

8

سيقيمُ الثريُّ معابدَ لسيڤا.

وأنا المعدَمُ ماذا سأفعل؟

 

ساقاي عمودان،

وجسدي المَقامُ،

ورأسي قبّةُ الذهب.

 

فالتُصْغِ، يا إله الأنهار المتعانقة،

الشيء الثابتُ الى زوال،

والمتحرك باقٍ الى الأبد.

 

( باساڤانّا 1106-1167 ميلادية، نصير مكرس لعبادة سيڤا منذ طفولته. في سن السادسة عشر قطع الوصل مع الطائفة البراهمانية بفعل نظامها الذي يفتقد الى العدل، وهجر البيت تياهاً بمحبة الله حتى اهتدى الى استاذ عند ملتقى الأنهار الثلاثة.)

 

 

 

 

 

 

 

بورتريت    المؤلفات الشعرية     المؤلفات االنثرية     ترجمات     الموسيقى      الفن التشكيلي     حوارات     يوميات    اللحظة الشعرية    بريد الشاعر

English        French         Sweden       Poet's mail