العدد 16 خريف 2009

 

عبر الانترنيت مع ياسين طه حافظ

 

 

هل لك ان تستعيد النشأة الاولى في الزمان والمكان؟ وكيف بدأ الشعر معك؟

كيف بدأ الشعر معي. في السؤال انتباهة مفرحة. الشعر هو الذي يبدأ، لا أنا. هذا يعني ان الشعر اختارني. ضحية او نبياً؟ الاولى بالتأكيد. دعنا نجب عن السؤال؟ لا أدري، ربما لانه رآني فتى هزيلا متوقداً ويلعب من صغره بالكلمات. ربما اراد ان يستفيد من فقري وتعاستي البشرية والغربة المبكرة، النفي المبكر. جنوبي يطرد من بغداد التي آوت والديه. يعيش في بساتين ديالى وقراها وناسها. الطالب الذي يكتب انشاء "عِجْبَة" كما أشار لي زميل صف وهو يحدث والده. المهم اني يوما كتبت قصيدة عمودية من عشرة ابيات وأذيعت من الاذاعة ونشرت في صحيفة. وبعدها آخرى وانا لم اكمل الاعدادية بعد. في دار المعلمين العالية كنت أكتب قصائد عمودية- الشعر العمودي وراءه ثقافته الخاصة ولها سحرها. في العالية ارسلت اول قصيدة حديثة لمجلة "المثقف" التي كانت تصدرها جمعية الخريجين- علي الشوك امجد حسين، غانم حمدون والدكتور مهدي مرتضى. ونشرت القصيدة وطلب مني الاستاذ امجد حسين قصيدة ثانية.

 

كيف بدأت رؤيتك للحداثة الشعرية؟

 

    الحداثة تختلف عن الشعر، فهنا أنا الذي رأيتها وليست هي التي رأتني.. كنت في قسم اللغة الانجليزية وامامي نماذج لشعراء انجليز وكانت مجلة شعر والاداب وحوار وفي العراق مجلة المثقف. هذه المجلات كانت تحمل حداثة.

 

هناك مأزق مألوف لدى الشاعر مع الكلمات كوسيلة، او كغاية. هل لك ان تحدثنا عن مأزقك، خاصة وان الاشارة لهذا تتضح أحيان كثيرة في قصائدك؟

 

    الكلمة تلعب أمامك كالقبرة، وتحسها تعيش في رأسك وترافقك، وقد تنزلق الى زاوية فتغيب فيبدأ بحثك عنها. والكلمات مستويات في الفن والتاريخ والدلالات وبرغبتها او رغبتك في الاقتراب. اعتقد لو تيسرت الكلمات التي نريدها دائما، لما وجد فن الكتابة. كم مرة انزلت العبارة حمولتها خارج السطر؟ كثيرا. اذن، ستظل تكتب!

 

أنت شاعر ستيني. ما هي التوافقات والتعارضات بينك وبين هذه الحركة الشعرية، في مطلعها، وعلى أمتدادها؟

 

معا في الزمان، في السعي للتجديد، نتنفس الهواء الساخن والمشع نفسه. لكن الانسان ليس شعرا حسب. هو ايضا لحم، وحلم خير ورداءه . اريحيه ونزوع اسود للقمع. فلا جلسة نظيفة تماما ولا تعقيب بلا أنوية من نوع ما.

في كل حال بقي الطيبون اصدقاء.

كنت بعيدا بدرجتين، قريبا بدرجة. مصادري مختلفة، مزاجي مختلف، واقعي السياسي مختلف. بعد مدة ليست طويلة، اعتكفت ورحت أكتب بصمت. كانت "قصائد الاعراف" جديدة ومفاجئة وكما أثارت محبة أثارت كرها. الغيرة الحقيرة تسمم الخبز والكلمات. المهم اني خرجت سالما وكانت "قصائد الاعراف" قطب الاحاديث في الوسط آنذاك أفضل من اشاد بها سعدي يوسف وافضل من كتب عنها فوزي كريم.

 

هل من صيغة شعرية ستينية ممتدة حتى اليوم؟ كيف ترى الشعر العراقي في العقود الاخيرة؟

 

الحماسة للاتيان بجديد، بالتطوير، بان اكون جيدا وبعيدا. جيدا ستينية. بعيدا بعيدة عنها.

نحن الان في سوق غير منظم، تكوم فيه السلع او الكتابات. بعض "الباعة" يحملون مكبرات صوت. بينما الناس يتحاشونهم بحثا عن حاجة ذات معنى. افتُقِدَتْ السيطرة والقيم والغايات بقيت الفوضى واللاجدية والقناعات الصبيانية الملونة- بالونات للحفل على اية حال. حاجتهم الى ثقافة رصينة توجه الكلام الى المعنى. اما الموقف مما ينشر، فأنا أتابع أي لمع لعله يحمل بشرى. الشعر يُستحدث ولا يفنى.

 

متى بدأت تحسن الانجليزية، وكيف أصبحت هذه اللغة مصدرا من مصادر تجربتك الشعرية؟

 

حتى الان، لا أراني "أُحسن" الانجليزية كما اتمنى. لكني استعين بها وتساعدني في الوصول الى الكتابات الجديدة والثقافة الجديدة. تحسنت لغتي بعد تخرجي من "دار المعلمين العالية" بدأت انتسب لدورات في المركز الثقافي البريطاني، دورات صيفية على حسابي الخاص في لندن، المهم اني علمت نفسي لغة وهذا مكسب كبير.. الاديب أو العالم، الذي لا يعرف لغة اجنبية، مُعوِز وثقافته منقوصة.

 

ما هي الصيغة المثلى للشعر الذي يعنيك، عالميا وعربيا وعراقيا؟ ولاي صيغة تنتسب، او تحب ان تنتسب؟

 

لا أعتقد بوجود صيغة مثلى للشعر. الصيغ الجيدة، الفضلى، تُستحدث. احيانا ارى لكل موضوع صيغته المثلى. لست ارسطو ولا هوراس يافوزي! المهم اني انتسب للصيغ التي ابتدعُها او اكتبُ فيها واجهد لابتداع صيغ جديدة احتاج لها. الشعر حرفة وفن.

 

أعتقد ان الشاعر العراقي، منذ مطلع الستينيات حتى اليوم، يعيش محنة تاريخية تمس روحه وحياته بصورة مباشرة. كيف واجهت هذه المحنة كإنسان، وكشاعر؟

 

واجهتها مثل سجين يواجه قيوده وسجّانه وحرمانه ومهانته. وشاعرا، ترى قصائدي مرائيا او محاولات انتحار. لا أعتقد بان في العالم، لا في روسيا ستالين ولا في عاصفة هتلر السوداء، واجه قتلا ودمارا روحيا واحباطات وهزات متوالية لما في رأسه، مثل الشاعر العراقي. واخصص ذلك الذي لم يكن ضمن الدولة وبوليسها او أحزابها! هل قدَر الشاعر ان يكون محروما او مضطهدا؟ يبدو ذلك!

 

أنت تميل الى القصيدة الطويلة. هل لنا ان نعرف لماذا؟

 

ليس ميلا ولكنه طبع في الكتابة الشعرية. اغلب قصائدي قصار او بصفحتين او ثلاث. الاعمال الطويلة ذات منحى ملحمي اقتضاه موضوعها. الموضوعات الملحمية تتضمن اجواء مختلفة وافكارا وصراعات. الخاطرة، او اللحظة الشعرية غير قصيدة الموضوعات المعقدة او المتشابكة وهي ما أسميتها القصيدة الطويلة واسميها ذات السمات الملحمية. القسم الثالث، من ديواني الاخير"ما قاله آخر الخطباء" اسميته بدء الملاحم ذلك لاني انتقلت فيه بعد القسم الاول "قصائد اولى، والقسم الثاني "يوميات العبور" الى القصائد التي تتناول اجواء معقدة وصراعات.

هل لك رأي محدد وواضح بمجرى الشعر في العقدين الأخيرين؟ وكيف ترى مجرى المعالجة النقدية للشعر؟ 

وردت في سؤالك كلمة "مجرى". مجرى الشعر هذا يتدفق بشكل لا نظامي. الانظمة يكتسحها الهوس وربما حب الشعر. ما هو شعر المستقبل؟ لا أدري ربما اختلطت الاجناس الادبية. الناقد غير متفرغ لمتابعة الشعر، كل هذا الشعر. هو اولا يريد أن

1-   يكون استاذا يستعرض استاذيته

2-   ان يتكسب بالنقد، كما يتكسب الاخرون بقدراتهم

3- لا شجاعة كافية معها "علم" كاف للاشارة الى الخطأ او التدهور أو اللامعنى. كلنا نسكت على الخطأ وكلنا نجامل من نحب او من نستفيد منهم وفي الاخير، المعالجة المهمة والمنقذة تحتاج الى اختصاصي، الى عالم وخبير. والنقد الادبي عندنا ما يزال محدود الامكانية. والنقاد المؤثرون واصحاب الرأي الجديد هم الاساتذة الذين درسوا في الخارج، والامثلة كثيرة وواضحة. تبقى ملاحظة كما ان هناك فوضى شعرية فهناك فوضى في الكتابات النقدية. وعلى اية حال المقالة النقدية الجيدة تبعث البهجة في كآبة الكتابة.

 

 

 

غلاف المجلة

فاتحة اللحظة الشعرية

 

*

 

فوزي كريم :  المصالحة الخاسرة مع الحياة

ياسين النصير:  تراجيديا الشعر

عباس الغالبي : الصورة في شعر ياسين طه حافظ

 د.بشرى البستاني: شعرية السرد بالكاميرا 

 

*

 

ياسين طه حافظ : هل أنتَ ياسين بن طه؟

ياسين طه حافظ : ثلاثة شعراء

ياسين طه حافظ : سيدة النار والليل

ياسين طه حافظ : من "انثلوجيا الأسماء والأمكنة"

 

*

 

محمود النمر : حوار مع  الشاعر ياسين طه حافظ

عبر الانترنيت مع ياسين طه حافظ

 

*

اغلفة كتب الشاعر

 

 

 

 

موقع الشاعر فوزي كريم      الصفحة الأولى         اعداد سابقة         بريد المجلة

  ©  All Rights Reserved 2007 - 2009