فوزي كريم 

Fawzi Karim

 

"العودة إلى كاردينيا" لفوزي كريم

هواجس المنفى

المستقبل - الاثنين 21 حزيران 2004 - العدد 1624 - ثقافة و فنون - صفحة

ابراهيم حاج عبدي

الكتاب: العودة إلى كَاردينيا.
الكاتب: فوزي كريم.
الناشر: دار المدى، دمشق ـ 2004

كثيراً ما يثور الكاتب على التصنيف الكتابي القسري (رواية، قصة قصيرة، قصيدة، سيرة ذاتية...)، ويحاول، بدلاً من ذلك، التجريب في مساحة لا تنتمي إلى شكل كتابي محدد، ولا يخضع لتلك المعايير المدرسية الصارمة، ليتاح له التعبير عن هواجسه وأحلامه وأفكاره دون ضوابط او قيود كما هو الحال مع كتاب "العودة إلى كَاردينيا" الصادر أخيراً عن دار المدى (دمشق ، 2004) للشاعر العراقي فوزي كريم الذي صمم أيضا الغلاف ورسم "البورتريهات" واللوحات الداخلية، فالشاعر في هذا الكتاب يهجر الشعر ليدون، في هامش واسع من الحرية، تأملاته ورؤاه وأفكاره ووجهات نظره ومشاهداته وقراءاته الكثيرة وأسفاره. إنه يقف على شرفة العمر يستطلع الذكريات ويستعيد وهج الأيام الماضية الذي خفت في مسالك الحياة المتشعبة، مبتعدا، قدر الإمكان، عن الحنين المرضي "النوستالجيا"، فالنص، كما يقر الكاتب ويدركه القارئ، "لا يلين تحت وطأة حنين للماضي بالرغم من أن حضورهما التاريخي أكيد على أكثر من صعيد" ليستعيض عنهما بنصوص، وإن بدت مغرقة في ذاتيتها، لكنها تكشف من جانب آخر عن علاقة هذه الذات مع الآخر ومع المكان، والكتاب، والمرأة، والقصيدة، والسفر، والرحيل، والكتابة، والأصدقاء، والخيبات، والأماني المؤجلة، والأحلام الضائعة... وقبل هذه وتلك علاقة هذه الذات مع المنفى الذي عاشه هذا الشاعر العراقي كما عاشه الكثير من مجايليه وسابقيه ولاحقيه.
فقد بات معروفا ان هواجس المنفى وعذاباته شكلت مادة خصبة لكثير من الكتاب العراقيين الذي هجروا "أرض السواد" عنوة، واستقروا في المنافي الأوروبية الباردة والبعيدة، وراحوا يستعيدون بكثير من الشغف تفاصيل تلك اللحظات التي عاشوها في كنف الوطن المكبل، وفي مرابع الطفولة والصبا، وفوزي كريم في كتابه هذا لا يبتعد عن هذا المنحى فنراه ينقب في دهاليز الذاكرة ويختار من عتمتها القصية الزاخرة بالتفاصيل تلك الأحداث والوقائع التي أثرت في نفسه كما يؤثر الآن في قارئه، وهو يقول في مقدمة الكتاب بان عنوانه المستمد من اسم حانة "كاردينيا" في شارع أبو نواس ببغداد هو غامض بعض الشيء، وينطوي على معنى العودة إلى الذاكرة، فهي ملاذ كاتب النص وملاذ أمثاله من الذين وجدوا فيها عزاء وغنى وهم في مكان وزمان غير مكانهم وزمانهم.
ويتخذ الكاتب من هذه النصوص ذريعة لتصفية حساب مع نظام ديكتاتوري أزال من الوجود بفعل قسري حانة كاردينيا هذه التي أمضى فيها فوزي كريم الشاب أجمل أيام عمره، وهو يقول بان "نهاية الحانة لم تكن إلا نهاية قسرية بيد زمرة البعث والعائلة الصدامية، لا بيد التاريخ" ليغيب مع غياب هذا المكان الكثير من ذكريات الشاعر وأحلامه المتعلقة بها، كما يتحدث عن طفولته في "كرادة مريم" أحد الأحياء البغدادية الشهيرة، ويروي ذكريات الأيام التي كان يقضيها في "حسينية الحي" طمعاً في مكتبتها الغنية بكتب التراث، مثل: "البيان والتبيين"، و"الأمالي"، و "وفيات الأعيان"، و"الأغاني"، و"صبح الأعشى"، و"الإمتاع و المؤانسة"، و"يتيمة الدهر"، و "العقد الفريد" وغيرها من الكتب التي كان يقرأها ولا يفهمها مبرراً ذلك النهم بالقول: "كانت تأسرني الطاقة الصوتية في النثر أكثر من الشعر، والأسرار الهامسة في الورق القديم اكثر من الدلالة".
وبحساسية أدبية يخوض الكاتب في بحث القضايا السياسية إذ يصور في بعض النصوص حالة العراقي في ظل الأنظمة الاستبدادية المتعاقبة على هذا البلد الجريح، فيرى بان العراقي لم يُكافأ على فسيفسائه القومية: عرب، أكراد، تركمان... ولا على فسيفسائه الدينية: مسلم، مسيحي، يزيدي، صابئي... إلا بسلطة البعث التي انتخبت قومية واحدة ورفعتها سيفا فوق رقاب الناس، ولم ينعم العراقي بوجود مؤسسة الدولة الحديثة التي ترعى أبناءها بناء على الدستور والقانون وحرية الرأي واحترام المعتقد، ويضيف الشاعر بمرارة من ذاق طعم الألم: "لم نذق طعم أدوارنا كبشر في إدارة عجلة الحياة بل أرغمنا على تسمية الجلاد رئيساً، والمرتزقة وزراء، والأوراق المملاة بالترهيب والترغيب صحافة"، ووسط هذا الخراب الكبير لم يعرف الشاعر والإنسان العراقي بصورة عامة سوى: انقلابي يرتقي سدة الحكم مع سلاحه، ومرتزقة حوله يرتقون جثث الدستور والقانون وحقوق الإنسان، ويصفقون له نفاقا للحفاظ على المكاسب.
الكتاب هو أشبه بمذكرات، ولكن هذه المذكرات مكتوبة بقلم مثقف لذلك كثيرا ما نقرأ عن تأثره بهذه الرواية او تلك، وإعجابه بهذا العمل الفني او ذاك، ويتردد في سطور الكتاب صدى أصوات المبدعين العرب والعالميين: كافكا، ديستوفسكي، ميلفل، ريلكه، اليوت، بورخس، همنغواي، لوركا، هيرمان هيسه، الجواهري، يوسف إدريس، حسين مردان.. وغيرها من الأسماء التي تحضر في صفحات الكتاب كعائلة ينتمي اليها الشاعر بفخر، ويسرد كريم في نصوص أخرى قصته مع حانة كاردينيا والأصدقاء والسهرات التي كان يقضيها في هذه الحانة التي يصف ألوان أضوائها وروادها ومكانتها في قلبه، كما يتحدث في نصوص أخرى عن بيروت التي عاش فيها فترة من الزمن قبل ان يرحل عنها ليستقر به المقام في لندن، المنفى الذي أيقظ في نفسه، أساسا، كل هذه الأوجاع والمآسي والآلام.
وبالرغم من هذه الذكريات الطاغية إلا أن الكاتب يقول بان هذا الكتاب "لا يعتبر سيرة ذاتية بل هي محاولة لإدراك الماضي على ضوء مشاعر الحاضر ورؤاه وأفكاره. حتى لتبدو غير وفية بالضرورة للتاريخ قدر وفائها للذاكرة، والذاكرة ليست التاريخ ولا تتطابق معه" فهي انتقائية وتختار أحداثاً معينة في مقابل أحداث أخرى يلفها النسيان وتسقط من دهاليز الذاكرة، فالأحداث والوقائع، المدرجة هنا، والتي تضيء للشاعر مساره وتحركه في هذا الاتجاه أو ذاك هي تلك التي حافظت على صورتها نقية في صفحات الذاكرة المتعبة، وهي على العموم تتناول قضايا كثيرة ومتنوعة ومعقدة لكن الكاتب لا يدرج هذه القضايا ليناقشها ويحاجج بشأنها، بل يذكرها بعد ان يضعها في سياق زمني محدد ليكتشف مدى تأثيرها على شخصيته كشاعر اصدر دواوين عدة ومجموعة من الدراسات النقدية.
إنه يقدم عصارة سنوات عاشها في بغداد ودمشق وبيروت ولندن، يوثق الأوجاع والخيبات ويقدم ثراء روحه التي خبرت الحياة والتجارب والمحن والتي غرفت أيضا من متع الحياة وبهائها ليقدم كل ذلك على شكل نصوص نثرية متفاوتة الحجم، سلسة اللغة، لا يغيب عن نبرتها حنين يغلي في ذات الشاعر، حنين إلى حياة أكثر جمالا، إلى حانة كاردينيا النائية الغائبة، وهي جدلية فلسفية عميقة فهو يتوق، من جهة، إلى زمن جميل قادم، ومن جهة أخرى يشتاق إلى الماضي وإلى حانة كاردينيا، وهو يسعى لكتابة أجزاء أخرى على هذا الغرار سعيا كما يقول إلى "فهم التطور الروحي" لهذا الكائن الهش والغامض الذي هو الإنسان.

من الغربة حتى وعي الغربة
 

ادمون صبري- دراسة ومختارات

 

مدينة النحاس

 

 ثياب الامبراطور

     منصور عبد الناصر  

 

 العودة الى كاردينيا

      كاظم الواسطي

       مقداد مسعود

       فاطمة المحسن

       ماجد السامرائي

       د.حسن مدن

      كاردينيا كاظم محمد

      جاسم العايف

      ابراهيم عبدي

     ماجد السامرائي  

     شكيب كاظم

     توفيق التميمي

 

 الفضائل الموسيقية
 

 يوميات نهاية الكابوس

        كاظم محمد
         محيط

         البيان

 

كتاب تهافت الستينيين

       ابراهيم عبدي

       جريدة البيان

        صحيفة الثورة

        مشعل العبدلي

       سعد هادي

 

القصيدة، لحظة الولادة، قيد التأليف
الشعر الإنكليزي المعاصر، قيد التأليف

اللحظة الخالدة، قيد التأليف
الموسيقى والتصوف
الموسيقى والرسم، قيد التأليف
الموسيقى والفلسفة، قيد التأليف
رسول السحب،، قيد التأليف
صحبة الآلهة، قيد التأليف
مراعي الصبّار، قيد التأليف
 

 

بورتريت    المؤلفات الشعرية     المؤلفات االنثرية     ترجمات     الموسيقى      الفن التشكيلي     حوارات     يوميات    اللحظة الشعرية    بريد الشاعر

English        French         Sweden       Poet's mail