كارمينا بورانا*
أغانٍ دنيوية من دير رهبانٍ بندكتيين تعود الى القرن الثالث عشر
ترجمها عن الانجليزية : مصطفى جعفر
الأغنية الأولى أيها الحظ قُلّبٌ أنت كالقمر ، دائم النمو والانمحاق . الحياةُ البغيضةُ ، تضطهدُ في البدءِ وتخففُ الألمَ لاحقاً حين يأخذُ بها الهوى ، تُذيبُ الفقر والغنى معاً كالثلج . أيها القدرُ الهائلُ الفارغ ، يا عجلةً تدور ، لكم أنتَ حاقد .
السعادةُ باطلةٌ ، فهي الى زوالٍ أبداً . يسوقني ويثقلُ كاهلي ويستعبِدُني دائماً. لذلكَ ، في الساعةِ هذه ، ودونَ تأخير ، انقُرْ الأوتارَ المُهتَزَّة ،
وما دامَ القدرُ يُنزِلُ البلاءَ بالرجلِ القوي ، لِيَبْكِ الجميع معي
.
الأغنية الثانية إنني أنحَبُ على جراحِ الحظِ بعينينِ باكيتينِ ، فما قُدِّمَ لي من هدايا خُطِفَ منّي بضلالٍ . مُدَوّنٌ في كتابِ الحقيقةِ أن لها شعراً جميلاً ،
ولكن عندما تَحينُ الفرص أكتشفُ أنها صلعاء .
مُتوجاً بالكثيرِ من زهور الرخاء المُلونةِ . وعلى الرغم من أنني أزدهيتُ بالسعادة والبركة ، فإنني أهوي الآن من القمةِ محروماً من المجد .
عجلة الحظ تدور- أنا أهبط مخزياً ، وآخرٌ يرتفعُ عالياً .
الأغنية الثالثة وجهُ الربيع البهيج يلتفتُ الى العالم .
الشتاءُ القارص يهربُ الآن مُتقهقراً .
والخمائلُ المتناغمةُ تُمَجِّدها بأغنية ....آه !
يستنشقُ عبيرها مُضمَّخاً بالرحيق .
وتضحكُ المروج البهيجةُ المليئةُ بالأزهار.
فلورا هي إلاهة الزهور في الميثولوجيا الرومانيّة
*
وفي طاقاته المُحفِّزة تدعونا للابتهاج ،
أن تحظى بما هو لكَ .
مَنْ يكافح ليستفيدَ من جائزة كيوبيد .
الاغنية السادسة
الأغنية الثامنة
انظروا إليَّ أيها الشبّان ، دعوني أُمتَّعكم!
الأغنية التاسعة أولئكَ اللاتي يَدُرنَ و يَدُرنَ راقصاتٍ جميعهنَّ عذارى غيرُ راغباتٍ في رجلٍ طوال الصيف . تعالَ ، تعالَ يا حبيبي ، بي توقٌ إليكَ ، بي توقٌ إليكَ
تعالَ ، تعالَ يا حبيبي ، يا شفاهاً بحمرةِ الورد
الأغنية العاشرة
الأغنية الحادية عشرة مثل طائرٍ خفيفٍ يرفرف عبر تيارات الهواء . لا السلاسلُ تقيدني ولا الأقفال تسجنُني ، أبحثُ عن بشرٍ مثلي وأنضمُّ إلى التعساء .
همومُ قلبي تبدو كأنها عبء .
ناذراً نفسي إلى الرذيلة ، غير عابئٍ بالفضائل ، روحي ميتةٌ ، لذلك سأبحث عن الجسد .
الأغنية الثانية عشرة (الإوزة المشوية تغني:) ذاتَ مرةٍ عشتُ في البحيراتِ ، ذاتَ مرةٍ كنتُ أبدو جميلةً عندما كنتُ إوزّة . يا لبؤسي ! الآن فاحمةٌ وأُشوى بضراوةٍ الخادمُ يُقَلِّبني على السفّود ، أنا أحترقُ بشدّةٍ على الحطبِ المُضيّفُ يُقدّمني الآن لكي أُأكل يا لبؤسي ! الآن فاحمةٌ وأُشوى بضراوةٍ الآن أضطجع في صحنٍ ، غيرُ قادرةٍ على الطيرانِ أُشاهدُ أسناناً عاريةً يا لبؤسي ! الآن فاحمةٌ وأُشوى بضراوةٍ .
الأغنية الثالثة عشرة أنا رئيسُ رهبان أرض النعيم * ، مجلسي مجلسٌ للسكارى ، وأودُ الانضمامَ إلى جماعةِ ديسيوس ** . وأيّاً كان من يبحثُ عني في الحانةِ عند الصباح فإنه سيغادرها عارياً بعدَ صلاة الغروب مجرّداً من ملابسهِ ، صارخاً : يا ويلتاه ! يا ويلتاه ! ماذا فعلتَ أيُّها القدر الخسيس ؟ لقد خطفتَ منّي جميع أفراح حياتي ! هاه !
*أرض النعيم (تلفظ كوكان) يراد بها ارض خرافية يحيا الناس فيها برخاء وترف بالغين ، Cockaign * كما يراد بها لندن ايضاً . ديسيوس هو القديس المبتكر للاعبي النرد . Decius**
الاغنية الرابعة عشرة عندما نكونُ في الحانةِ فإننا لا نفكرُ كيف سنصيرُ تراباً ولكننا نُسرعُ للمقامرةِ متصببينَ عرقاً دائماً ماذا يحدثُ في الحانةِ حيثُ تصير النقودُ خبزَ القربانِ المقدس ؟ بإمكانكَ تماماً أن تسأل وأن تسمع ما أقول . البعضُ يقامر ، البعضُ يشرب ، البعضُ يتصرفُ بفجورٍ ولكن بين مَنْ يُقامرونَ ، البعض يفوزون بملابسهم هنا البعضُ يرتدي أكياسَ الخيشِ هنا لا أحدَ يخشى الموتَ ، لكنهم يُلقون بالنرد باسم باخوس أولاً وقبل كل شيء ، يشربُ الفاسقون نخبَ تاجرِ النبيذ ، واحدٌ من أجلِ السجناء ، ثالثٌ من أجلِ الأحياء ، رابعٌ من أجلِ الأخواتِ الخليعاتِ ، سابعٌ من أجلِ قطّاع الطرقِ في الغابةِ ، ثامنٌ من أجلِ الأخوة الضالين ، تاسعٌ من أجلِ الرُهبان المشتتين ، عاشرٌ من أجلِ البحّارةِ ، الحادي عشرَ من أجلِ المتشاجرينَ على أمورٍ تافهةٍ ، الثاني عشر من أجل التائبينَ ، الثالث عشر من أجلِ عابري السبيل . للبابا مثلما للملك ، الجميعُ يشربونَ دونَ قيودٍ . السيدةُ تشرب ، السيدُ يشرب ، الجنديُ يشرب ، الكاهن يشرب ، الرجلُ يشرب المرأةُ تشرب ، الخادمُ يشرب مع الخادمةِ ، الرجلُ النشيطُ يشرب ، الرجل الكسولُ يشرب ، الرجلُ الأبيضُ يشرب ، الرجلُ الاسودُ يشرب ، الرجلُ المستقرُ يشرب ، الرجلُ الهائم يشرب ، الغبيُ يشرب ، الحكيمُ يشرب ، الفقيُر يشرب ، المريضُ يشرب ، المنفيُ يشرب وكذلك الغريبُ ، الصبيُ يشرب ، الشيخُ يشرب ، المطران يشرب ، الشمّاسُ يشرب ، الأختُ تشرب ، الأخُ يشرب ، العجوزُ تشرب ، الأمُ تشرب ، هذا الرجلُ يشرب ، ذلك الرجلُ يشرب، مئةٌ يشربون ، ألفٌ يشربون . إن ستمائة (بنس) بالكاد ستكفي إذا ما شرِبَ الجميعُ بغيرِ اعتدالٍ وبلا حدود ، وكلما أسرفَ هؤلاء مُستمتعينَ بالشُربِ وبَّخَنا الناسُ ، لهذا نحنُ مُعدمون . لتَحُلَّ اللعنةُ على مَنْ يشوهون ُسمعَتَنا وأن يُحرَموا من تدوينِ أسمائِهم في كتابِ الصالحينَ .
الاغنية الخامسة عشرة كيوبيد يطيرُ في كلِ مكانٍ وقد استحوذت عليه الرغبة . الشُبّانُ والشابّات يتزاوجونَ كما يجب . الفتاةُ دونَ عشيقٍ تفوتُها جميعُ المتع وهيَ تحتَفِظُ بأُمسيتها الحالكةُ في أعماقِ قلبها ، وهذا أتعسُ الأقدار .
الاغنية السادسة عشرة الليلُ والنهارُ وكل شيء ضدّي ، ثرثراتُ العذارى تُبكيني ، غالباً ما تدفَعُني للتَنَهُّدِ ، وفوقَ كل شيء تُخيفُني . أُيها الأصدقاء ، يا مَنْ تسخرونَ منّي ، كُفّوا عن ذلك ، فأنا حزينٌ وبَلوايَ هائلةٌ . بشرفكم ، على الأقل انصحوني . وجهُكِ الجميلُ يُبكيني ألفَ مرةٍ ، قَلبُكِ من ثلجٍ ، قُبلةٌ منكِ واحدة .... دواءٌ يُعيدُ عافيتي .
الاغنية السابعة عشرة فتاةٌ وقفت برداءٍ أحمرَ ، لو أنَّ أحداً لَمَسَهُ لأصدرَ حفيفاَ . آي ... يا ! فتاةٌ وقفت مثلَ وردَةٍ صغيرةٍ ، وجهُها كان مُشرقاً وفَمُها مُتَفَتِّحاً . أي ... يا !
الاغنية الثامنة عشرة في قلبي تَنَهُّداتٍ عديدة ، تجرحُني بشدَّةٍ سببُها جمالُك . آه ! مانداليت .... مانداليت .... حبيبتي لم تأتِ ! عيناكِ تُشرِقان كأشعة الشمسِ ، كوميضِ برقٍ يُضيءُ العُتمة . آه ! مانداليت .... مانداليت .... حبيبتي لم تأتِ ! ليُحققَ الإله ، بل ، لتُحققَ الآلهةُ أجمع ما أفكر به : وهو أن أحلَّ سلاسل عُذريَتَها . آه ! مانداليت .... مانداليت .... حبيبتي لم تأتِ !
الاغنية التاسعة عشرة إذا اجتمعَ ولدٌ وبنت في غُرفةٍ صغيرةٍ ستكونُ الفرحةُ قَرينَهُما . يُشرِقُ الحُبُّ بينَهُما ، تَختَفي الحِشمَةُ المُتكلِّفة لِتبدَأَ لُعبَةٌ تَفوقُ الوصفَ بينَ الأرجُلِ ، والأذرُعِ والشِفاه .
الاغنية العشرون تعالَ ، تعالَ ، آهٍ تعالَ لا تَدعني أموت . وجهُكَ جميلٌ ، عيناكَ تومضانِ ، شعرُكَ مجدولٌ أيَّ كائِنٍ بَهيٍ أنتَ . أكثَرُ حُمرَةً من الوردةِ وأنصَعُ بياضاً من الزنبَقة أكثرُ فِتنَةً من الآخرينَ أجمَعهم سأُمجِّدكَ أبدا !
الاغنية الحادية والعشرون على كفَّتي ميزانِ مشاعري المتمايلَتينِ يَتَواجَهُ ضِدّانِ هُما الحُبُّ الداعِرُ والحَياء . لكنَني أختارُ ما أرى ، وأُقدِّمُ رَقَبَتي للنيرِ إنني أستَسلِمُ للعُبوديةِ الحُلوةِ .
الاغنية الثانية والعشرون هذا هو وقتُ البهجةِ يا عذارى فامرحوا مع العذارى أيها الشُبّان ، آوه ! إنني أتفجّرُ جميعاً ، أحتَرِقُ جميعاً مع أول حبٍ جديدٍ الحُبُّ الجديدُ سَبَبُ موتي ! نعم ، تَشدُّ عزمي لا ، تُثيرُ بي الكآبة ، آوه ! في الشتاءِ يصبُرُ الرجلُ ، لكن أنفاس الربيع تُثيرُ شبقه ، آوه ! عُذريتي تجعلُني لعوباً وسذاجتي تمنعُني ، آوه ! تعالي ، تعالي يا عشيقتي ، تعالي بالفرحةِ تعالي ، تعالي يا جميلتي إنني أحتضرُ ، آوه !
الأغنية الثالثة والعشرون يا أيُّها الاحلى ! آه ! إنني أهِبُكَ نفسي بأكمَلِها !
الاغنية الرابعة والعشرون مرحى أيتها الأجمل ، يا جوهرةً نفيسةً مرحى أيتها العروسُ بين العذارى أيتها العذراءُ المجيدةُ مرحى يا نورَ العالمِ ، مرحى يا وردةَ العالم يا بلانشفلير * وياهيلين يا فينوس النبيلة .
بلانشفلير هي بطلة إحدى القصص الملحمية في العصور الوسطى . BlanchefleU*
الأغنية الخامسة والعشرون إعادة للأغنية الأولى .
تمّت
* كارمينا بورانا أغان عثر على مخطوطتها اللاتينية التي تعود إلى القرن الثالث عشر في دير منعزل للرهبان البندكتيين، يقع على سفوح جبال الألب البافارية . وفي عام 1847 نشر الألماني جي أي شميلر تلك المخطوطة بعد أن أسماها كارمينا بورانا . من الواضح أن الأغاني كان قد دوّنها آنذاك جامع مهتم . وهي تتألف إلى حد كبير من قصائد لشعراء من فرنسا والمانيا وايطاليا وانجلتر- كان المطربون والمهرجون يؤدونها على أنغام القيثارة . وهذه القصائد، التي ما زال اغلبها يحتفظ بنضارة وفتنة مدهشتين، مليئة بالحياة، وتمس كل ميدان من ميادين النشاط الإنساني، كالدين، والدولة، والمجتمع، والفرد . لقد هجت عيوب الكنيسة، وانحطاط الاخلاق، وشكت من سطوة المال، وتردّي القيم المعنوية . كما احتوت على قصائد من الشعر الغنائي تمجد الربيع، والحب، وقصائد من شعر الرّحالة تحتفي بالمتع الحسّية للطعام، والشراب، وممارسة الجنس . وأغلب القصائد اللاتينية هي من نتاج النخبة المثقفة في القرن الثالث عشر، بالإضافة الى رقصات وأغان من شمال ووسط المانيا، وخليط من النصوص ثنائية اللغة كالألمانية – اللاتينية والفرنسية – اللاتينية . وفي ستينات القرن العشرين جمع دبليو ليبهارت عدداً من الألحان الأصلية، التي كانت تغنّى بها القصائد قبل سبعة قرون – ولكن كارل أورف 1895- 1982 لم يكن يعلم بوجود مثل هذه الالحان عندما وضع موسيقى كارمينا بورانا بين عامي 1935 و 1936 . عُرضت كارمينا بورانا لأول مرة في مسرح شتادتش بوهنن في مدينة فرانكفورت في الثامن من يونيو عام 1937 . وعرضت لأول مرة خارج المانيا في تياترو لا سكالا بمدينة ميلانو الايطالية يوم العاشر من اكتوبر عام 1942 . تمتّعت كارمينا بورانا بنجاح هائل، فهي واحدة من أكثر الأعمال الكورالية عرضاً، داخل المانيا وخارجها . وحين قدّمها فرتز راينر وستوكوفسكي – قائدا الفرق السمفونية العظيمين في أمريكا – كان حماس الجمهور لها لا يضارع . بعد العرض الأول لكارمينا بورانا قال كارل أورف لناشره الموسيقى : كل شيء كتبته لحد الان - وقمت أنت للأسف بنشره – يمكن أن يتلف . مع كارمينا بورانا تبدأ مجموعة أعمالي .
المترجم
|
|
||
|