من مجموعة
لا نرث الأرض
(دار رياض الريس، 1988)
السفينة
تَخْتِلطُ
الألواحُ بطينِ اليابِسةِ
تمدُّ جذوراً فيها.
وتصيرُ حبالُ صواريها
مأوىً
لغسيلِ الأيامْ.
الموجُ يبادلُها إيقاعَ الزمنِ الضائعِ،
ينسُجُ حُلَّتَها
الداكنة من الأعشابْ،
والمارةُ تُبْليها
باللمسِ الوَجِلِ وبالنَظَرِ
المُرْتابْ.
كمْ سنةٍ تمضي! كمْ صرحٍ يتقوّض!
كمْ حلمٍ ينمو في الماءِ
الآسنِ!
…
كمْ جيلٍ،
حتى
تكترِثَ الريحُ وتقرَبَكِ الأطيارْ
ويعودَ
شراعُكِ للإبحارْ.
لندن
1986/5
لا
نرثُ الأرض
لا نرثُ الأرضَ ولكنَّها
ترثُنَا. والعَقْلُ مملوكٌ لشمسِ
اليَقينْ.
أعْزَلَ، منْ يسألُ عنْ ملْجأ
فيه وبيتٍ أمينْ؟!
حمامةٌ حطّتْ
على
سَاحِهِ
فانعَقَدَ الجناحُ والتاثَ. فمنْ يَسْتكينْ
إليهِ؟!
والأيامُ
طاحونةُ
الحاضرِ. والآتي إليْنا كمينْ.
لندن
1986/5
الجُندي
المَجْهول
ـ صدى
خُطواتِ الجُنودِ، أتعرفها؟
إنّ ذاكرتي
مُطْفأة.
ورائحةُ النَخْلِ؟ أحسبُ أنّ الربيعَ يعودُ
ففي الرُكنِ متّسعٌ
للشقائقْ .
وعندَ النوافذِ والعَتَبات
يدبُّ بطيئاً وأخضرَ ظلُّ
الدقائقْ.
ـ أتسمعُ طرْقاً علي البابِ؟ سَمْعي ثقيل
وأشعرُ بالبردِ. هذا
شتاء طويل.
سأذهبُ كي أُحضِرَ المَدفأة
.
لندن
1985/5
الشاعر
والدكتاتور
أجملُ من برودةِ الكفِّ التي
يمدُّها الماضي إلى
خِناقكْ.
أجملُ من خوفِكَ أنْ تؤكلَ
في ظلِّ فمِ المُرْتَدِّ من
رفاقكْ.
من وحشةِ القاتِلِ، وهو يُبْصِرُ القتيلْ
علي سريرِ حُلْمِهِ
الثَّقيلْ
مضَرَّجاً بدمِه.
أجملُ من خوفِكَ أنْ تصمتَ،
أُصْغي
وأنا في
هذه العُزْلة…
لشاعِرٍ على
مياهِ دجلة
يَعْزفُ في قيثارةِ القَتْلى
مَرَاثيِهِ
كأنّهم قد رقدوا فيهِ،
وللخُطى
في آخرِ الليلِ
إلى
غرفتِهِ
الرّطْبَةِ في
"المَيْدان"
.
المرحلة
أتأمّلُ
وتراً منكسِرا
لنُواحِ قرى،
تتآكلُ تَحْتَ الشمسِ ككلْبٍ مَيْتْ،
ودبيبَ
العَفَنِ بفاكِهَةِ البَيْتْ.
أتأمّلُ وجْهاً مجْدوراً
ولساناً
مبتوراً
لنديمِ الليل.
أنتشلُ صديقاً من هاويةِ اليأسِ
فأسْقُطُ
فيها!
ينتشر الأفّاقون.
لندن 1986/4
|