العدد 15 صيف 2009

 

فضاءات الدرويش

 

محمود النمر

 

 

    ظهر الدرويش من غيبته المستديمة، حليق الرأس تماما، بعدما كانت هنالك نتف متفرقة على فروة رأسه القلق، ولكنه أجهز عليها، فظهر كرهبان المعابد البوذية يحف به صمته المطبق. الدرويش يجلس بهدوء لا يكلم أحدا، سوى الذين يقتربون من مائدته  للسلام.

    ... كان يذكر (لينا)، المرأة التي لم يحب سواها، وصفها في كتابيه (رماد الدرويش ) (والريح تمحو والرمال  تتذكر)  بـ( آلهة الخطى المتثاقلة )، المرأة التي كانت تكبره بعشرة سنوات، ولكنها كانت الصدر الدافئ في عويل الريح والغربة في بلاد الثلج.

    قال لي: لقد رأيت لينا قبل يومين عندما خرجت من البيت لأشتري سجائر من الدكان القريب من بيتنا، صادفتني امرأة بالشكل والجمال ذاته وابتسمت، تلك الابتسامة والنظرات التي كانت تلاحقني بها (لينا ) عندما كنت اخرج من شقتها. نفس الخطى  المتثاقلة  (والساقين المبرومتين ). لم تكلمني ولم  ألق ِ عليها التحية، ومضت ومازالت مشرقة في عيني .

    في محافظة السليمانية كنا مدعوين  لمهرجان  كلاويش عام 2006 ونزلنا  معا وفي فندق بهشتي في (سويت ) مشترك  نزولا  عند رغبته، كنا نسهر حتى الرابعة أو الخامسة صباحا، والمائدة عامرة (بالويسكي )، والمازات التي ما كان يأكل منها إلا (الزلاطة المبروشة ) التي يقدر أن يهضمها بضرسه الواحدة المتبقية. كان يكلمني عن رسول حمزاتوف، وعن دماثة أخلاقه، وروحه الشفافة، ولقاءاته المتكررة به، وعدم تلبية الدعوة التي وجهها له حمزاتوف إلى قريته .

    لم يحضر جلسات المهرجان الا ما ندر، وكثيرا ما كان ينزوي في غرفته. وحين أعود أجده لم يزل في عزلته فأطرق عليه الباب، وأحاول أن احتال عليه باختلاق موضوع يثير فيه الدهشة عن المهرجان، أو أدعوه إلى الغداء، ولكنه كان يلح علي بإحضار الغداء إلى الغرفة، فاضطر لمهاتفة مطبخ الفندق. ثم نبدأ بالحفل اليومي مع الخمر المتبقي ٍ لدينا. وحين يشعر أن الخمرة على وشك أن تنفد، نخرج حتى لو كان منتصف الليل، نبحث عن محل لبيع المشروبات، فنتزود كما يشتهي هو، ولا يقبل أن ادفع أي دينار بحجة أني صاحب أطفال صغار. يساوره القلق دائما كظله، فهو مستنفر ومتوجس على الدوام. يدخن بإفراط حين يشرب وعندما تنتهي السهرة يطفئ آخر سيجارة ويملأ (المنفضة) بالماء، وحين أسأله عن السبب، يجيب ضاحكا: (حتى لا يحيي العظام وهي رميم ). ومرةً وجدته جالسا على كرسي في ممر الفندق فعجبت ُمن هذا الأمر ولكنه بادرني ضاحكا وقال إن العاملات ينظفن (السويت). واستمر بالضحك ثم قال: لو كنت تعلم ما قالته رئيسة العاملات لي هذا اليوم. لقد قالت لي قصيدة سجع! قالت انتم تسكرون، وهم يصلون، وانتم نائمون، فلا ينظفون.

    وكان يسرد لي كيف ذهب إلى عمان بعدما اشتدت علينا المحنة ففي عام 1996: سافرت إلى عمان ، واستكتبتني مجلة عمان الثقافية، ومن هناك كنت ابعث بمقالات ثقافية إلى جريدة الخليج الاماراتية، وابعث كل ما احصل عليه إلى عائلتي، وأعيش بما تبقى. كنت وحيدا في غرفتي أنا وكأسي وعزلتي التي رافقتني، ومازالت تزداد التصاقا بي.

    في عام 2005 كنا عائدين من الاتحاد الساعة الثالثة ظهرا، وقد اشتدت قسوة العراك الطائفي المقيت. كان ساهما متسمرا في مكانه، وأبواق السيارات تزعق، وكأنها القيامة المزعومة. حين وصلنا قال: سوف لن أخرج بعد ذلك !!!

   

 

 

الغلاف

 

*

 اللحظة الشعرية

 

*

صلاح نيازي: المسلم
جاسم محمد: قصيدتان
حميد العقابي: ثلاث قصاـــد

ابراهيم عبد الملك: وكما بَدَتْ..

سعد الشديدي: سوناتا القيامة
ليث الصندوق: أبو نواس

مايكل غروف: قصائـــد

فالـــح عبد الرحمـــن: الألياذة

 

*

عن ميووش: ترجمة : فــلاح  رحيم
 

عبدالكريم كاصد: قراءة في شعر عزيز السماوي

 

*

علي جعفر العـلاق: كأنّه يمشـي على هـواءٍ وثيـر

ياسين طه حافظ: الخسارة الثانية

حسن ناظم: لغة الأحلام

فوزي كـــريم: قطيعةُ المحارب

هيثم سرحان: الحداثة الشعرية

محمد غازي الاخرس : " يتيم الستينات " يحظى بأب

محمود النمر : فضاءات الدرويش

نصيف الناصري: حسب الشيخ جعفر في عمّان

وثائق واغلفة كتب

*

ساسون سوميغ: مقهى بغداد

هيلدا اسماعيل: الشعر.. قرصٌ ساخن

فيء ناصـــــر : أول شاعرة للبلاط الملكي

*

الحصاد الشعري

الحصاد الفني

الحصاد الموسيقي

 

 

موقع الشاعر فوزي كريم      الصفحة الأولى         اعداد سابقة         بريد المجلة

  ©  All Rights Reserved 2007 - 2009