|
|||||||
الخسارة الثانية إلى حسب الشيخ جعفر ياسين طه حافظ
لا القرى الحجريّةُ تعرف روحَكَ لا شجرات الضفاف تمدّ الظلالَ لكي تستريحَ ولا طرُقٌ أنت تسلكها عائداً ترتضي وجهَك الغائمََ يعبر فيها . فليست شطوط العمارة هذي ولا هي تلك الحكايا ولا ناسُها صبغ الطميُ والشمس أوجهَهم والمحبة تطفح قبل الكلامْ وكلامهمُ يكشف الروحَ مثل المرايا...
وبيوت محايدةٍ والظلالُ ظلالُ المنافي.
قد ترى من بعيدٍ عوالمَكَ الغائبة قد ترى من بعيد مصابيحَ تلك البيوت ونيرانَها قد ترى أوجُهاً وأكفاً تراعَشُ حولَ مواقدها في الشتاءِ قد ترى الطفل، كنتَه، يركض فوق الحقولِ ويصطاد فوق المناقع بعد المساءِ..، انما هي خاطرةٌ زائره والجهامَةُ ترجع ثانية لترى أوجهاً متيبسةً ومفارزَ من حجرٍ يعبر وجهكَ فوق ترقُّبها.
ليس غير الرضا بالكآبة فالنهار الذي كنتَ في العتمة تسري اليه نزفَ الضوءَ مثل جريحْ وانتهى مّيتاً وعليه سحابه
أترى ما تزال الضلالاتُ تمنحنا لذةً فنرى ذهباً في الخريفِ؟ كُفََّ هذا المزاحَ مع النفس، هذي المدينة ينفر وجهُكََ منكمشاً من سفاهاتها لتلوذ بمقهى بعيد أو تقفَّ وحيداً على لوحٍ مصطبةٍ رضِيَتْ أن تلمَّ شتاتَك بعد الرحيل.
هكذا انتَ تجلس للاعترافِ لتقرَّ بأنك تحمل إثمَ محبّتك الغابرة وانك في عالم يقتضي جََلَداً وانفصاماً عن الحقل والله، وان ترتدي سِترَةَ الغرباءْ ويُقبّلُ خطوُكَ إسفلتَ هذا الطريقْ تتحاشى كلاباً مَُجََلْبََبَةً بالأساطيرِ، وبين بنادقَ مشرَعةٍ تطلب المجدَ فوق سباخ المساكينِ.. إني رأيتْ جُثّثاً فوقها جُثثٌ تتأرجحُ سيقانُها وتخبُّ بها الشاحنات! ذلك موطن روحِكَ، ما أنتَ تحلمُ فيهِ: خرابٌ وأسلحةٌ وبقايا نخيلْ هكذا الآن يُحْرَثُ وجهُ الحياة، فتقَبّلْ خسارتَكَ الثانيه!
ترجعُ الآن، وجهكَ منطفيءٌ مكفهرٌّ ترى، لا ترى. كل هذا الزحام وأنت بقفرْ، واحد من كثيرين وسْطَ الضجيج الذي يتسرّب نحو البيوتْ. هل ترى أحداً في زحام القمامة يعرف من كتبَ القارةَ السابعه؟
عالمٌ لا يرى، جِنَّةٌ أم عماءْ؟ حجرٌ أنتَ يا صاحبي تتدحرج في الحالتينْ قطعةً من ظلام الأسافلِ أو فِلْقةً من كواكب هذي السماءِ …، سواءٌ سواءْ حجرٌ يتدحرج، أنغامهُ هي هذا الرثاءُ الذي أنت تكتبه والغيوم على كتفيكْ. فتوقَّ العثارََ بطيئا يهيلُ الزمانُ وأنتَ تمرٌّ وحيداً لتخلو بكاسك بعد المساءْ...
|
|
||||||
|