فوزي كريم 

Fawzi Karim

 

استحالةُ أن تحصل على كتابك المفضّل دون دليل؟

 

    مألوف تماماً أن يستعين بي صديق لزيارة واحدة أو أكثر من دور بيع الكتب الكبرى في لندن. ومألوف تماما ترددي في الذهاب دون هدف البحث عن كتب بعينها. فدخول أي من المكتبات الكبرى متاهة، قد تبدو متاهة صغرى إزاء "ماذا أقرأ من الاصدارات؟".

    كلمة review، التي تعني، من بين ما تعني، "مجلة نقدية"، تُطلق على المجلة الأدبية عموماً. أي أن كل مجلة أدبية إنما تهدف، بصورة أساسية، الى عرض الكتب الجديدة نقدياً. الى أن تكون دليلاً وفياً للقارئ دون دخول المتاهة. الى جانب المجلات، هناك صفحاتُ عروض الكتب في الجرائد اليومية. والى جانب هاتين هناك الكتبُ التي تصدرها دور النشر بين حين وحين، دليلاً نقديا للقارئ، الذي يجد في زيارة محلات بيع الكتب دون دليل عبثاً لا طائل وراءه.

    دليل دار Penguin القديم (1960)، مازال نموذجاً، لا محجةً. اشترك فيه أبرز النقاد الأكاديميين في تحديد الكتب الأهم داخل حقول المعرفة (من علوم الانسان، الآثار، الفن...حتى الفلسفة، الشعر، الرواية..الخ). ولم يكتفِ بدور الدليل العام، بل ذهب الى توجه نقدي أولي نافع في توزيع الشعراء الى: قصصي، غنائي، تأملي، فلسفي وديني. ويدهشك أن تجد الشاعر أليوت بين الدينيين، أو لورنس في الشعر الفلسفي.

    آخر إصدارات دار Norton الأمريكية كتاب من هذا الحقل، يقتصر على الأدب، بل على الرواية بالتحديد. كتاب أسهم فيه 125 كاتباً في اختيار عشرة كتب مفضّلة لديهم. ولقد امتدت قائمة الكتب المفضلة بينهم الى 544 رواية. على أن هذه القائمة توزعت بدورها الى أفضليات أكثر تحديداُ، وفق نسب الانتخاب المعلنة. على رأس التوزيع تقف قائمة "العشرة الأكثر رفعة"، وهي الكتب التي وردت بنسبة أعلى في اختيارات الجميع، تبدأ من "أنّا كارَنينا" لتولستوي، وتنتهي بـ "مِدِلْمارش" لجورج أليوت. مروراً بـ "مدام بوڤاري" فلوبير، "الحرب والسلام" تولستوي، "لوليتا" نابوكوف، "مغامرات فِنْ" مارك توَيْن، "هاملت" شيكسبير، "غراتسبي العظيم" فيتزجرالد، "البحث عن الزمن الضائع" پروست وقصص تشيخوف. وهي كتب تُرجمت الى العربية باستثناء رواية أليوت، على ما أعتقد. والمطلع منا على هذه الزبدة قد يفتقد رواياتٍ وكتاباً لا يقلّون رفعةً: دِستويَفسكي، سِرڤانتِس، مَلْڤِل، ديكنز، جيمس جويْس، أوستِن، ڤِرجينيا وولف، فوكنر... وسرعان ما سيقع عليهم في قائمة العشرة التالية. وهي قائمة غير مُفتقدة في العربية أيضاً. ولكن ما إن تتواصل القائمة الطويلة حتى يتبين أحدنا مقدار الفقر الذي تعاني منه ترجمتنا، وثقافتنا عامة. الروايات التالية تكاد تكون مجهولة في معظمها. وكذلك كتب المعارف الأخرى في دليل پنجوين.

    الكتاب الجديد لا يكتفي بالانتقاء النقدي، بل يعرض لكل عمل بزبدة نقدية، ثم هو يلفت النظر الى هيمنة الكاتب الرجل في القائمة الأرفع، التي لا تظم إلا جورج أليوت. وهي روائية انكليزية (19-1880) تسمّت باسم رجل ليتسع لها الطريق. والى هيمنة القرن التاسع عشر بست روايات، في حين تنتمي ثلاث الى مرحلة مبكرة من القرن العشرين.  ثم  هذا التركيز الباهر على النموذج الانساني في ثقله النفسي والعاطفي، في الروايات العشرة. فمن يملك أن يغفل الأمير أندريه وناتاشا، أنّا وڤرونسكي، توم وهاك، غاتسبي وديْزي، هاملت وأوفيليا...؟

    اختيار الرواية المفضلة أمر ممكن، ولكن اختيار الأفضل في حدود عشرة كتب أمر يبدو تعجيزياً. ولذا تمنح الذائقة الشخصية طابع النسبية في اختيار كهذا. في كتاب آخر أكثر ضخامة، صدر عن Quintet اللندنية تحت عنوان ذي دلالة حكائية هو "ألف كتاب وكتاب عليك قراءته قبل الموت"، يتحرر المساهمون من حصار الاختيار التعجيزي . الكتاب يعرض لألف رواية ورواية واحدة، أسوة بشهرزاد، التي تؤجل موتها كل ليلة بحكاية خيالية جديدة. يرجع الى حكايات "إيسوپ" اليونانية (القرن الخامس قبل الميلاد)، وحكايات "أوڤيد" الرومانية (القرن الأول قبل الميلاد)، وحكايات "ألف لبلة وليلة" العربية. وينتهي برواية "لا تدعني أغادر أبداً" للكاتب الياباني الأصل كازيو ايشيگيورو الصادرة في لندن عام 2005.

    إن ولعي بكتب من هذا الطراز لا يقتصر على حاجتي للدليل حسب، بل حاجتي لأن أُحاط برائحة الكتاب. مراجع كهذه تذكرك بضرورة الاحاطة. تمنحك إيماءات مكثفة بذكاء نقدي الى كتب على مقربة. تصبح مع الأيام ذاكرة شخصية مثقلة بالثمار الجاهزة. إن ادعاء "بِلْ غَيْتِس"، صانع المِكروسوفت، قبل سنوات قليلة في مؤتمر صحفي، بأنه سيحقق حلمه الأعظم قبل موته، في إنهاء دور الكتاب وإحلال القراءة على شاشة الكومبيوتر بدله، قد أثبت العكس مع سنوات الانترنيت. فقد ازداد عدد المكتبات ودور النشر في الغرب، وعظُم حجمها، وازدادت معها مجلات وصفحات المراجعات النقدية. وتحول الانترنيت الى وسيط رائع لمزيد من شراء الكتب. حدث هذا لي مع كتاب 1001 Books: You Must Read before you Die ، الذي اشتريته بتخفيض مغرٍ، واستلمته وأنا في بيتي، عبر البريد.

 

(نشرت في جريدة الرياض في 1/6/2007)

 

يوميات

 

عن الإيمان بقوّةِ الحياة!

 

الجديةُ والإحاطةُ وما دونهما!

الاستدارة المذعورة، ولكن للمستقبل!

حفنة مسرات أوبرالية

قبلة فرانتشيسكا الدامية

تلك الورقة البائسة!

حكاية الفارس الأخضر

ستة مصابيح داخل دخان الحرائق

استحالةُ أن تحصل على كتابك المفضّل دون دليل؟

استعادة المنسيات

غجر بالاماس

 اعتماد الخبرة الداخلية في فن المقالة

رسالة الى "الشيوعي الأخير"

معنى الحوار بين القارئ والنص

في العتمة المضاءة من الداخل

بشارة الخوري

مسرّات الشرق القديم

 بي قارئ متحفز

شعراءالنهضة الاسبانية

شيمانوفسكي وغلاس

 

 

 

بورتريت    المؤلفات الشعرية     المؤلفات االنثرية     ترجمات     الموسيقى      الفن التشكيلي     حوارات     يوميات    اللحظة الشعرية    بريد الشاعر

English        French         Sweden       Poet's mail