|
|||||||
عيناتٌ من واقع النقد اليوم، تنتخبُها "اللحظة الشعرية"، متشككةً في الموقف، أو محتاطةً من الإلتباس، أو مندهشةً من المعنى الإيهامي. تاركةً الحكمَ للقارئ وحده، دون تعليق
حاضر الموقف النقدي:
في قصيدة النثر
... ويتنبأ (شوقي)عبد الأمير بانقراض القصيدة العمودية وقصيدة التفعيلة، قبل نهاية الربع الأول من القرن الحادي والعشرين... ولهذا التطور أسباب يوجزها شوقي في تطور الخطاب الشعري العربي وعلاقته الوثيقة بالخطاب الشعري العالمي، كأحد الملامح الأساسية للشعر المعاصر، وتلاقح المعارف والفنون الإنسانية مع التطورات التكنولوجية: «التي أحدثت ثورتها وأنجزتها في العالم من حولنا، وما زلنا نحن نعوم في محيط فولكلوري مثل أسماك في أكواريوم معزول."..." إنه عصر النثر شعراً ونثراً. أي إن خطاب هذا العصر هو النثر، وكل شيء يمرّ عبره. كما كان خطاب العصور القديمة هو الشعر، وكان كل شيء يمر عبره بما في ذلك الطب والفيزياء والنحو والتأريخ... كلّها كانت تكتب شعراً (الألفيّات). انعكست الآية اليوم وصار النثر هو الخطاب». 4 ديسمبر 2008 (جريدة الشرق الأوسط)
سيداتي سادتي: ما هي قصيدة النثر؟ إنها كل هذا وليس. لكن الشيءَ المؤكد
هو انها نقيض قصيدة النثر العربية السائدة التي لا تلبي مطلبا واحدا
مما أتفق جل النقاد عليه، رغم كل الاختلافات بينهم، بشأن قصيدة النثر.
هناك أنماط من قصيدة النثر: البارناسية، الرمزية، التكعيبية،
السوريالية، الظاهراتية، والأميركية الغارقة بقضية اللغة والسرد
الغرائبي. لكن في كل هذه الأنماط، الشكل واحد أوحد: كتلة قوامها نثر
متواصل في جمل تجانس أي نثر آخر. عبد القادر الجنابي جريدة السفير 9/6/2006
وقد بات من المؤكد أن من يبرع في كتابة قصيدة النثر من الشعراء العرب
هو من يستطيع استيعاب علاقة الشعر بشعرية أحلام التكنولوجيا. أحمد بزون جريدة السفير 9/6/2006
انسي الحاج "أعظم شاعر منذ المتنبي..." جمانة حداد، جريدة النهار عن عباس بيضون، جريدة السفير 26/6/2006
لكن شعراء بيروت، من المتعلمين بالفرنسية، لم يتعرفوا عليها، كقصيدة
مخصوصة، إلا بعد صدور كتاب سوزان برنار. لم يتعرفوا على
قصيدة النثر من الأعمال الشعرية نفسها (شجون باريس مثلاً أو
الأنطولوجيات الخاصة بهذا الجنس الشعري)، بل من الأطروحة الأكاديمية،
أي العمل النقدي. ولو فرضنا أن هذا العمل لم يصدر، فهل كانت هذه
القصيدة ستنال في بيروت كل هذه الحظوة في الفترة ذاتها؟ وهل كان لشعراء
بيروت في الفترة ذاتها ما أصبح لهم بفضل الإطلاع
على
كتاب سوزان بيرنار؟
من ثم نفهم كيف أن الحركة البنيوية للستينيات والسبعينيات، بما حملته
من تفرعات منهجية، من شعرية الاستعارة إلى
شعرية الإيقاع، ومن دلائلية غريماس أو دلائلية يوري لوتمان إلى
الدلائلية التحليلية
لجوليا كرسطيفا. عائلة بكاملها التقى
فيها أهل اللسانيات والفلسفة والتحليل النفسي والأنتربولوجيا بدلائليين
وشاعريين. ما استأثر بالقراءة والتنظير لدى
حركة النقد الجديد هو أعمال ساد ورامبو وملارمي ونيتشه وأرطو وبونج،
مفيدين من فردناند دو سوسير وموريس بلانشو وجورج باطاي والشكلانيين
الروس. وكانت الكتابة الموقع الذي تختاره أعمال هؤلاء، معوضين بذلك
مفهوم الأدب بمفهوم الكتابة. فـ" ليست الكتابة، حسب رولان بارط، هي
الكلام، وهذا التفريق بينهما حصّل في السنوات الأخيرة علي تكريس نظري،
ولكن الكتابة ليست المكتوب أيضا، أي التدوين؛ فأن تكتب ليس هو أن
تدوّن. في الكتابة ما هو أكثر حضوراً في الكلام (بطريقة هستيرية) وأكثر
غياباً في التدوين (بطريقة إخصائية)، بمعنى
أن الجسد يعود، ولكن عن طريق غير مباشرة، مقيـسة، وموسيقـية حتى
تقول كل شيء بدقة، عن طريق المتعة لا عن طريق المتخيل (الصورة)".
تصريحات واعترافات بان العرب لم يفهموا قصيدة النثر ولم يكتبوها. وأضيف
إنهم لم يفهموها ولم يكتبوها بمعان متعددة. ليس الشكل وحده ما لم
يفهموه، بل تاريخ هذه القصيدة السابق على
بودلير، واسمها، ومكانتها ضمن الشعر الفرنسي (ومنه شعر وكتابات
بودلير)، وطبيعة هذه القصيدة التي هي ابنة باريس، تحديدا، المدينة
الفرنسية الكبيرة في زمن الثورة الصناعية واكتساح الخطاب العلمي فضاء
البحث العلمي كما فضاء الحياة الفرنسية، ثم بعدها الميتافيزيقي، كما
أعطاه إياها بودلير، شاعر "الانحطاط " بامتياز. المغاربة، المغاربيون، يختارون صمتا هو فتح الأسرار. به يؤالفون بين المغرب والمشرق. وبه ينادون على أصدقائهم المشرقيين. يهيئون لاستضافتهم، والاحتفاء بهم وتكريمهم. دعوات لا تتوقف. بيوت مفتوحة الأبواب. ابتهاج يمتد ليل نهار. هذا هو المغرب، المغرب العربي. وأنا أعلم أن شعراءه، نقاده وباحثيه، يفعلون ذلك دفاعا عن فكرة جديدة عن العالم العربي، عن ثقافته ومستقبله. وهم في صمتهم يقاومون. صمت لا يبلغ مقصده إلا أهل الذوق، من اًصحاب العلم العرفاني بما نحن فيه وما نحن إليه سائرون. صمت أقسى من الكلام، في زمن نفتقـد السؤال عما نفعل ولماذا نفعل وكيف نفعل. صمت هو تجربة الإقامة في الزوابع، على حافة الخطر، بجسد كله عيون. صمت هو سيد الكلام. محمد بنيس
السفير 9/6/2006
هذه مقاربة نظرية تتم في ضوء المنهجية الإبيستمولوجية الحديثة في
اشتقاق العقل النظري من العقل العلمي وليس العكس. ويعني ذلك في مجال ما
يقع في إطار نظرية الأدب أن المقاربة النظرية هنا مشتقة من المقاربة
النصية المحقّقة نفسها بوصفها قابلةً لإنتاج نظريتها. ويمكن القول في
ضوء هذه المنهجية أنه بات ممكناً في منظور تاريخ الحركة الشعرية
العربية الحديثة تمييز بنيتين أساسيتين متميزتين هما بنية القصيدة
الرؤيا والقصيدة اليومية. إن المثال الجمالي للقصيدة الرؤيا يكمن في الكلي أو الرؤيوي بينما يكمن المثال الجمالي للقصيدة اليومية في النثري أو اليومي. فيحيل الرؤيوي في مثاله الجمالي هنا إلى الكلي بقدر ما يحيل اليومي إلى النثري. وليست مقولة النثري هنا هي حدود التمييز التقليدي بين النثر والشعر، أو بين الأنواع النثرية والأنواع الشعرية، أو بين الاستخدام النثري الوظيفي الأداتي للغة وبين الاستخدام الشعري المجازي لها، بقدر ما هي مقولة جمالية لليومي مقابل الكلي أو الرؤيوي. جمال باروث جريدة السفير9/6)2006
|
|
||||||
|