صمت المطلق البارد
في معرض أخير للفنانة عفيفية لعيبي ( مواليد1952) رايته في دمشق، كانت المرأة تنفرد بلوحاتها جميعا، الأمر مألوف في لوحاتها القديمة، في سبعينيات بغداد، إلا أن النزعة البطولية شبه الأسطورية أخلت المكان الى نزعة شبه ميتافيزيقية، أو ميتافيزيقية خالصة. المرأة داخل الإطار في وحدة مطلقة، داخل هيمنة للصمت مطلقة أيضاً. ما من حوارٍ أو فعل لصيقين في الأرض. بل هناك، على العكس، تواصل سري مع المطلق. تواصل شبه ديني، أو لا ديني بفعل البرد الذي يتشرب فيها. اللوحة التي اخترتها هنا تعود الى 1984، يوم كانت الفنانة في منفاها الايطالي. عنوان اللوحة "الحلم" لا يفي بحق المشهد البصري. فعين المرأة مغلقة عنوةً. الجسد يشي بيقظة ما. المرأة لا تبدو أنها تحلم، بل تحيى داخل عالم ماورائي، لا صلة له بالواقع. الطابع الرمزي للرداء الأحمر يكشف عن ذلك. الفتحة المواربة للنافذة، وكأنها تدفع بصمت شيئاً من هواء المجهول، الذي يتدفق من الزرقة الرمزية. حتى الكتل السوداء لعتمة الليل تكاد تكشف عن رأس وجناحي طائر مجهول. إن استعانة عفيفة في لوحاتها بما هو غير واقعي في المنظور والإضاءة، الأمر الذي يضفي مسحة غامضة على المشهد، وبرسم الشخوص المنحوتة والمناخ الحلمين إنما هي استعن ببعض خصائص المدرسة الرمزية، التي عُرفت لدى الفنان الايطالي دي جيريكو (1888-1978). |
|