حين تدخل الحروف اللوحة
صناعة لوحة من الحروف عادة ما تكون توجهاً تجريدياً. فالحروف أشكال
مجردة تنتزع من جوهرها الدلالي في فن الخط حين تدخل فن اللوحة.
سعدي الرحال (مواليد 1960) هنا يشكل من الحروف المجردة مشهداً
يقربه من الطبيعة، إذ تتراءي داخل المربع حركة حيوية متسارعة باتجاه
اليسار لتكوين شكل قبة ومنارة جامع. وهذه الإندفاعة تكاد تميل بالتكوين
كله الى اليسار، ولكي تتوازن اللوحة حشر الفنان الى أعلى اليمين
تكويناً زخرفياً يشبه قراب خنجر.
إن أجمل ما يلفت النظر في هذه اللوحة الحركة الحيوية والصاخبة
داخلها. انها أشبه ما تكون بأصوات الآلات الموسيقية داخل الاوركسترا
لحظة اختبار العازف لآلته ودوزنتها قبل بدأ العزف. أصوات تولد ضجيجاً
شديد التداخل، ولكنه شديد الحيوية المنعشة، والجمال الآسر.
الفنان حاول ان يربك التشخيص لصالح التجريد، فأمال التكوين، وحشر نصف
القوس، وثلم استقامة المنارة، ووضع في أعلاها ما يشبه الصليب، وقد يطمع
من ذلك بمزيد من التخريجات والتصورات من المشاهد.
|