بساط الرموز السحري
هناك فراغات في غنائية "بول كلَيه" السحرية تعوم فيها الخطوط والرموز. في هذه اللوحة غنائية سحرية من طراز آخر، لا تصدر عن مخيلة ثقافية مألوفة في أوروبا، بل عن مخزون من ذاكرة جمعية معهودة في التجربة الفنية العراقية. ولذلك فهي غنائية تتميز بالكثافة القصوى، كثافة المشاعر التي تعبئ المخيلة فتثقلها وتنزلها الى الأعماق. الفنان كريم رسن (مواليد )، في هذه المواد الخليط على لوحة الخشب، يقدم للرائي مشهداً صلباً لرموز وإشارات وصور منقوشة على حجر، أو ما يشبه الحجر. يمنحها للعين كلية، ولا يمهل الرائي فرصة أن ينفرد مع كل منها على حدة. وحتى لو حاول فأن روحه تفيض بما هو كلي، فيبعد عينه عن غير إرادة ليحدق ذاهلاً بالمشهد جميعا، عله يحيط بالمعنى الكلي عبر علاقة هذه الرموز والإشارات والصور مع بعضها البعض، ومع العالم الخفي الذي وراءها. إن الوجه المعاصر لنا في إحدى المربعات لا يتقدم في الزمان على الوجه البدائي شبه الحيواني، بل يطل أحدهما من الآخر. المربعات جميعاً استعارات بصرية لعالم باطني بعيد ولكن غير معزول عنا. إنها تشكيلة بساط من الصوف سحري، يحلق بنا الى حيث تشاء عراقيتنا البعيدة الجذور. |
|