اجتهادات الجدران
الفن البصري كامن في كل ركن من أركان الحياة المحيطة. في الطبيعة الخام، وفي مخلفات الفعل الإنساني، الذي لا قصدية فيه. الفنانة أنسام الجراح (1954) التجأت الى المصدر الثاني. حملت عدستها الفوتوغرافية وخرجت مأخوذة بما شاهدته من مخلفات البوسترات المنتزعة على جدران الأندركراوند في لندن. المخلفات تشكيلات من كتل وألوان لعشرات البوسترات الفنية. كانت في حينها كيانات فنية مستقلة، ثم هاهي تهجر بفعل اعتباطي مبدعيها الأفراد، وتهجر استقلاليتها، لتنتسب الى المخيلة البصرية التي تلتقطها من المشاهد العابر. أنسام وجدت أشياء قد لا أقع عليها بالضرورة. هنا يُترك لي حرية أن أرى ميناء مدينة يُنظر إليه من أفق شاهق. البحر خضرة سوداء عميقة، والخليج الذي يحتضنه طوق بنفسجي يبعد المشهد عن الطبيعة ليدخله في المخيلة المصنوعة، مع شيء من تطريز الحروف اللاتينية. الرماد الإسمنتي مشوب بتطرية الخيوط اللونية الرقيقة. أما إطلالة وجه الصبي، أو بقاياه، في أعلى الكتلة فشيء أتركه لسحر الإدهاش!
|
|