المسرات الخبيئة
الشوط الذي قطعه الفنان ضياء العزاوي (مواليد 1939) من
اللوحة
التي تهدف الى موضوع خارجها، حتى هذه البلاغة الداخلية،
التي يصبح الموضوع فيها
لصيقاً باللون والتشكيل، هو معترك للخلاص من براثن
الملصق وبراثن التطلع الى الحدث
أو الفكرة الأسمى خارج عملية الفرشاة والكانفس.
هذه اللوحة، التي وضعها ضياء في
نهاية الثمانينات، هي النافذة الجديدة، أو الاطار
الجديد، الذي يظل عبره الى عالمه
الفني وقد تبرأ من كل المقاصد الخارجية. هنا يبدو
الاطار كالقلب تماماً وهو يحتضن،
بحرص وحرارة وغموض القلب، تلك الأشياء التي هي وليدة
التحام المشاعر والأفكار
معاً، تأمل التجريدات اللونية، التي هي رليفات خشنة،
ستجدها تنطوي على ملامح
الأشياء والشخوص والحروف القديمة، التي كانت مباشرة
ومألوفة في لوحاته. الآن تحررت
من كوابحها الزمنية والتاريخية، ولكنها لم تتحرر من
علاقاتها الجديدة المتلاحمة مع
بعضها. لم تعد ألوانها الوان بوستر صافية، بل ألوان
الطبيعة، حيث لا فاصل بين تربة
وصدأ ولحاء شجر ودم وحجر..
ألوان الطبيعة هذه هي ألوان رؤيا أيضاً. أصبحت كذلك
بفعل انتسابها للفنان، لأنها صنيعته.
انتساب الإطار العضوي للوحة مألوف لدى
فناني الغرب (الانكليزي هورد هوجكنز)، ولكن سرية وحرارة
واحتفاء ضياء بما وراء
الظاهر مشرقية تماماً.
الاطلالة على اللوحة عبر الاطار ليست كافية هنا. تأمل
الأطار، بل الإطارين، واللوحة مرة واحدة. وأختر رؤيتك
التي تشاء.
|
|