هنا تفصيل من منحوتة آشورية تعود الى 645 قبل الميلاد. وفن الريليف ذو الطابع الحكائي بلغ ذروته بين حكم آشور ناصربال(883)، حتى موت آشور بانيبال (626ق م)، وهي مرحلة تشبه مرحلة المجد العسكري الامبراطوري الروماني. الجدارية الطويلة وذات الارتفاع، الذي يبلغ قرابة سبعة أقدام، عادة ا تنقسم أفقياً الى شريطين حكائيين حول حملات الملك العسكرية، وكثيراً ما تكون قاسية، وحول شعيرة قتل الأسود، أو في أرق حالاتها حول تقديم الولاء للملك. ورغم امتداد المشاهد وزحمة الشخوص إلا أن عنصري التنوع والحيوية أساسيان. الرائع في رسم الشخوص هو انفرادها في مساحة تعطيها حرية كافية للتنفس. ولعل مشهد آشور بانيبال في شعيرة قتل الأسود هو أروعها جميعاً. إن التفصيل الذي اخترته هو آخر لقطة من مشهد إطلاق الأسود من القفص، واندفاعها باتجاه الملك المسلح بالدرع والسهام والسيف. ثم المواجهة المباشرة وجهاً لوجه. هنا ذروة الدراما الدامية التي قد تثير الشفقة أو الجزع. إلا أن الفنان الآشوري وضع طرفي الصراع في كفتي ميزان عادلة. فالأسد هنا قد يفوق الانسان جبروتاً وقوةً وضراوة، وهذا تجده مجسداً بتفصيل رائع في هيئة الأسد واندفاعته، قبل اللقاء الأخير. ألوان المشهد لمْ تخفف من حدته تماماً. جبهة الأسد المائلة الى الحمرة، وكذا الجلدة اللامعة التي تبرز القوى الجسدية، والصرخة التي يتوحد فيها الجزع والغضب، والمخالب العشرة المشرعة بين الإرادة والعجز، كلها تبرز كنشيد الكورس لحظة الحياة الأخيرة، أمام جبروت الملك الهادئ المبتسم. المدهش ان هذا العمل الفني بالغ الروعة قد نُحت لآشور بانيبال الذي كان يؤسس، في الوقت ذاته، لأروع مكتبة أدبية، ضمت بين ألواحها النصوص الكاملة لملحمة كلكامش. هذا التفصيل الصغير خير دعوة لزيارة العمل الكامل في الجناح العراقي في المتحف البريطاني. |
|