إعادة توزيع المشهد
اللوحة في أحيان كثيرة لعبة بصرية حاولتها التكعيبية حين شظت
الموضوع المرئي وأحاطته بالنظر من كل جانب. أربكت المكان ولكن منحته
حركة. في هذه اللوحة يحاول كمال كريش (مواليد 1958) تقطيع المشهد الى
مربعات متساوية ثم يعيد توزيعها. إنها ليست تشظية من داخل اللوحة، بل
توزيع هندسي من خارجها. والهدف واحد في اعادة صياغة المشهد وإفساد فكرة
المحاكاة للطبيعة.
مشهد من الأهوار كما هو واضح: امرأة تمسك بفالة صيد. مشاحيف،
اسماك، وبضعة تفاصيل داخلية، كأنا نطل عليها من نوافذ. الفنان أراد
للأهوار أن تنتسب لعالم داخلي، لذلك أضفى عليها عتمة ليل، هو ليل مملكة
الأهوار السفلى، باستثناء تفصيلين من جسد المرأة، الذي يتوسط قلب
اللوحة بلونه الوردي.
اللعبة البصرية تكمن في أن العين لا تملك أن تتابع المربعات
بانتظام منفصلة عن بعض، بل تنظر الى الكل من اجل توليد حركة لا
متتابعة، بل متداخلة كتداخل مشاهد الأحلام أو الألحان الموسيقية ببعض.
وحدها المربعات السفلى الثلاثة تبدو حركتها بطيئة وعميقة كصوت آلات
كونترباص غليظة. |