لحظات الرغائب الدفينة(76)
داخل إطار هذه اللوحة ثمة مخلوق ما. الفنان عباس الكاظم
(مواليد بغداد) اراده ان
يكون في الظاهر كياناً ضفدعياً. العينان الجاحظتان،
الساقان المقرفصتان، الرأس الذي
يلتحم بالجسم دون أكتاف ظاهرة! ولكن تكشيرة الأسنان
وعنوان الذكورة، وبضعة لوحات
رسمها الفنان في ذات المنحي لتكوين أنثوي، تكشف عن كيان
انساني، لا حيواني.
في
لحظات الرغائب الجنسية الدفينة في الانسان يستيقظ
الحيوان الكامن. وليست هناك
مناسبة أكثر اغواءً للفنان التعبيري من هذه المناسبة.
فهو يذهب مباشرة الى يقظة
الحيوان تلك، يلتقط ومضات من ملامحها الهائجة، فتختلط
مثل الحلم ملامح الحيوان
والانسان. وتظهر أمام المشاهد غرائبية ما يرى، ولكنه في
سريرته العميقة يطمئن الى
الواقع الخفي وراء الظاهر الغرائبي. ولذلك يشعر ان
اللوحة التعبيرية تخاطبه بصورة
قاطعة وبلا تمويه.
كاليبان في مسرحية العاصفة لشكسبير يقوم بهذا الدور،
المعبر
عن الغرائز الدفينة في الطبيعة الانسانية. ولذلك يختلط
بروح الغاب والطين. تأمل في
اللوحة خشونة اختلاط الألوان بين الكيان الانساني ــ
الحيواني، وبين ما يحيطه.
وتأمل تحديقته المروعة في عيوننا، والأصابع السوداء
الخمس، التي تُري أفقياً في
موازاة الرأس، وهي تندفع باتجاهنا. |