البدائي والكوني
العناية بالكتلة، في اللوحة وفي المنحوتة، تعني العناية بالفراغ
الذي يحيطها، تماماً كما يحيط الصمت كتلة الصوت التي تنطلق من آلة
موسيقية.
صلاح
المسعودي (أو
صلاح
چياد)، (مواليد 1945) في هذه اللوحة، وهي واحدة من لوحات عديدة
وضعها كبورتريت لهيئة إنسان ما، يضع الكتلة ثم يجعل الفراغ المحيط
يتناهشها بذات
طبيعة الألوان وبذات الخطوط.
وكأنها دعوة لتلاشي الكائن فيما حوله: أو تداخله
الفيزيائي، ومن ثم الروحي، مع أشياء الطبيعة والكون الذي ينتمي اليه.
ان فكرة
التداخل الفيزيائي والروحي مع الكون تبدو مستساغة اذا ما توفرت عناصر
من الاسطورة،
أو القدم السحيق. وصلاح يوفر هذه العناصر في الكتلة. فالهيئة هنا خشنة،
بدائية،
غامضة وتنطوي على سر، وكأنها وضعت بيد فنان بدائي تعيش آلهته معه على
الارض. ما من
لون حار يشي بالحياة الحاضرة. الألوان باردة تشي بالغياب. والحركة
العشوائية داخل
الكائن وخارجه متواصلة وواحدة. كل شيء يشي بالاسطورة. والاسطورة وحدها
التي تسمح
بالتواصل بين الكائن الانساني والآخر الكوني الذي يسكنه.
إنسان صلاح هو نحن،
ولكن في لحظة افتقاد التوازن. لحظة إرباك الحواس من اجل عودة خاطفة الى
الاسطورة.
فعن طريق هذه اللحظة البدائية وحدها يتسع الكائن الانساني ويصبح كوناً. |
|